فلما علم بمكانه لقيه في جيش عظيم.
ولما علم بهرام شوبين بما اجتمع لكسرى كتب إلى وجوه أصحابه يخبرهم بسوء مذهب آل ساسان، ويصف سيرة ملك ملك، ويدعوهم إلى نفسه، ووقعت الكتب في يد كسرى قبل أن تصل إلى القوم، فكتب إليه بأغلظ الجواب عن القوم، ورد إليه الرسول، فزحف إليهم بهرام حتى صار إلى آذربيجان، فحاربه محاربة شديدة، وأخذت الحرب من الفريقين، وخرج الرومي الذي كان يجري مجرى ألف رجل، فقال لكسرى: أين عبدك هذا الذي غصبك ملكك، حتى اقتله؟ فقال: هو صاحب الأبلق، فحمل عليه وتراجع بهرام إلى ورائه، ثم تراجع عليه، فضربه بسيفه فقده نصفين، فضحك كسرى، وقال: زه، فغضب أخو ملك الروم، وقال: سررت ان قتل رجلنا وصاحبنا؟
فقال: لا ولكن صاحبكم قال لي: أين العبد الذي غصبك وغلبك ملكك، فأردت أن تعلم أن العبد يضرب في كل يوم عدة ضربات كلا مثل هذه.
واشتدت الحرب حتى انهزم كسرى، وصعد في جبل، فكاد يهلك، ثم تاب جند كسرى، وانهزم بهرام شوبين، فمضى منصرفا لا يلوي على شئ، متوجها إلى ملك الترك.
واستقام الامر لكسرى ابرويز، فكتب إلى صاحب الروم بذلك، واهدى له ملك الروم ثوبين فيهما الصلب، فلبسهما، فقال الفرس: قد تنصر، ثم كتب في النصارى أن يكرموا، ويقدموا، ويبرزوا، ويخبر بما قد جرى بينه وبين الرومي من العصمة، واللحمة، والموادعة، وانه لم يقل هذا ملك من الملوك قبله.
ووثب بندي خال كسرى بثيادوس أخي ملك الروم، فصمه، فوقع الشر، وقال أخو ملك الروم: إما أن تدفع إلي بندي، وإما أن يعود الشر، فسكنه كسرى.
وورد بهرام شوبين بلاد الترك، فأكرمه خاقان وبره، وكان لخاقان أخ