خلعوه، وجاءوا بابن له يقال له شيرويه، فملكوه وأدخلوه المدينة، ونادوا شيرويه شاهنشاه، وأخرجوا من في السجون ممن كان كسرى يريد قتلهم، فهرب كسرى، حتى دخل بستانا له، فأخذوه، فحبسوه، ثم قالوا لشيرويه: انه لا يستقيم الملك، وأن يكون ابرويز حيا، فاقتله وإلا خلعناك!
فوجه شيرويه إلى أبيه برسالة غليظة يعنفه فيها على فعله، ويذكر له ما نال من أهل مملكته، وما كان من سوء سيرته، فأجابه بجواب تفنيد وتجهيل له، فوجه إليه برجل كان كسرى ابرويز قطع يد أبيه بغير سبب ولا جرم، إلا أنه قيل له ان ابن هذا يقتلك، فقطع يده، وكان من خاصته، فلما دخل عليه سأله عن اسمه.... (1) قال له: شأنك وما أمرت به، فضربه، حتى قتله، ثم إن شيرويه حمل أباه إلى الناووس، وقتل قاتله، وكان ملك كسرى ابرويز ثمانيا وثلاثين سنة.
ولما ملك شيرويه بن ابرويز أطلق من في المحابس، وتزوج بنساء أبيه، وقتل سبعة عشر أخا له ظلما واعتداء، فلم يستقم ملكه، ولم يصلح حاله، فاشتد سقمه، ومات بعد ثمانية أشهر، وملكت الفرس ابنا لشيرويه طفلا يقال له اردشير، واختاروا له رجلا يقال له مه آذرجشنس، فحضنوه إياه ليقوم بتدبير الملك، فأحسن التدبير، وقام بالامر قياما محمودا، وجرت أمور المملكة.
وكان شهربراز الموجه لحرب الروم، قد عظم أمره، فكره موضع مه آذرجشنس، وكتب إلى الفرس أن يوجهوا إليه برجال سماهم، وإلا أقبل إليهم حتى يحاربهم، فلم يفعلوا، فأقبل شهربراز في ستة آلاف إلى جانب مدينة المملكة، وحاصر من فيها، وقاتلهم، ثم فكر، فاحتال حتى دخل المدينة، فأخذ عظماء الفرس، فقتلهم، وفضح نساءهم، وقتل اردشير الملك، وكان ملك اردشير سنة وستة أشهر.
.