إليها، ويتراجع ماؤها فيه عند المد، وينضب في الجزر. وكان طوله قدر فرسخ.
وكان لحده مما يلي البصرة غور وسعة تسمى في الجاهلية الإجانة، وسمته العرب في الاسلام الجزارة. وهو على مقدار (ص 356) ثلاثة فراسخ من البصرة بالذرع الذي يكون به نهر الأبلة كله أربعة فراسخ، ومنه يبتدئ النهر الذي يعرف اليوم بنهر الإجانة. فلما أمر عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أبا موسى الأشعري أن يحتفر لأهل البصرة نهرا، ابتدأ الحفر من الإجانة وقاده ثلاثة فراسخ، حتى بلغ به البصرة. فصار طول نهر الأبلة أربعة فراسخ. ثم إنه انطم منه ما بين البصرة وبثق الحيري، وذلك على قدر فرسخ من البصرة.
وكان زياد بن أبي سفيان واليا على الديوان وبيت المال من قبل عبد الله ابن عامر بن كريز، وعبد الله يومئذ على البصرة من قبل عثمان بن عفان. فأشار على ابن عامر أن ينفذ حفر نهر الأبلة من حيث انطم حتى يبلغ به البصرة.
وكان يريث ذلك ويدافع به. فلما شخص ابن عامر إلى خراسان واستخلف زيادا أقر حفر أبى موسى الأشعري على حاله. وحفر النهر من حيث انطم حتى بلغ به البصرة. وولى ذلك عبد الرحمن بن أبي بكرة. فلما فتح عبد الرحمن الماء جعل يركض فرسه والماء يكاد يسبقه.
وقدم ابن عامر من خراسان فغضب على زياد وقال: إنما أردت أن تذهب بذكر النهر دوني. فتباعد ما بينهما حتى ماتا. وتباعد بسببه ما بين أولادهما. فقال يونس بن حبيب النحوي: أنا أدركت ما بين آل زياد وآل ابن عامر متباعدا.
884 - وحدثني الأثرم، عن أبي عبيدة قال: قاد أبو موسى الأشعري نهر الأبلة من موضع الإجانة إلى البصرة. وكان شرب الناس قبل ذلك من مكان يقال له دير قاووس، فوهته