فقد رجعنا إليها لنرى نص الجهشياري الذي ذكره ياقوت فوجدنا خلطا عجيبا.
قال:
" وكان يكتب للخصيب أبو عبد الحميد بن داود البلاذري المؤلف لكتاب البلدان. وغيره من الكتب " (1).
وهذه العبارة تخالف في تركيبها ما ذكره ياقوت، وتخالف الواقع أيضا.
فمؤلف كتاب البلدان ليس " أبا عبد الحميد بن داود البلاذري ".
ويذكر الذهبي في سير النبلاء (2) أن شربه البلاذر كان للحفظ. وهذا ما يؤكد الشك في الرواية. فماذا يريد أن يحفظ من بلغ الثمانين أو تجاوزها، وألحت عليه الحاجة، ولجأ إلى الناس؟ وإنما يبغي الحفظ من كان ناشئا في بداءة الشباب، يطلب العلم ويجمعه.
ويذكر صاحب الفهرست أنه " شد " في المارستان، وعبارة الذهبي " ربط ". والعادة أن يربط أو يشد من يخشى قوته وبطشه من المجانين. فهل عند من جاوز الثمانين مثل ذلك؟
وكيف كان سبب موته، ورغم شكوكنا هذه، فإننا ما نزال نحتاج إلى نصوص جديدة صحيحة لكتاب الجهشياري وغيره، لتبين لنا كيف مات، وتبين لنا هل كان " البلاذري " لقبا له أم لجده.