أمر قبرس 412 - قال الواقدي وغيره: غزا معاوية بن أبي سفيان في البحر غزوة قبرس الأولى، ولم يركب المسلمون بحر الروم قبلها. وكان معاوية استأذن عمر في غزو البحر فلم يأذن له. فلما ولى عثمان بن عفان كتب إليه يستأذنه في غزوة قبرس ويعلمه قربها وسهولة الامر فيها. فكتب إليه أن قد شهدت (ص 152) ما رد عليك عمر رحمه الله حين استأمرته في غزو البحر. فلما دخلت سنة سبع وعشرين كتب إليه يهون عليه ركوب الحبر إلى قبرس. فكتب إليه عثمان: فإن ركبت ومعك امرأتك فاركبه مأذونا لك وإلا فلا. فركب البحر من عكا ومعه مراكب كثيرة، وحمل امرأته فاختة بنت قرظة بن عبد عمرو بن نوفل ابن عبد مناف بن قصي، وحمل عبادة بن الصامت امرأته أم حرام بنت ملحان الأنصارية، وذلك في سنة ثمان وعشرين بعد انحسار الشتاء، ويقال في سنة تسع وعشرين. فلما صار المسلمون إلى قبرس فأرقوا إلى ساحلها - وهي جزيرة في البحر تكون فيما يقال ثمانين فرسخا في مثلها - بعث إليهم أركونها يطلب الصلح وقد أذعن أهلها به. فصالحهم على سبعة آلاف ومائتي دينار يؤدونها في كل عام، وصالحهم الروم على مثل ذلك فهم يؤدون خرجين. واشترطوا أن لا يمنعهم المسلمون أداء الصلح إلى الروم. واشترط عليهم المسلمون أن لا يقاتلوا عنهم من أرادهم من ورائهم، وأن يؤذنوا المسلمين بسير عدوهم من الروم.
فكان المسلمون إذا ركبوا البحر لم يعرضوا لهم ولم ينصرهم أهل قبرس، ولم ينصروا عليهم.
فلما كانت سنة اثنتين وثلاثين أعانوا الروم على الغزاة في البحر بمراكب أعطوهم إياها، فغزاهم معاوية سنة ثلاث وثلاثين في خمس مئة مركب، ففتح