أمر الجراجمة 424 - حدثني مشايخ من أهل أنطاكية أن الجراجمة من مدينة على جبل اللكام عند معدن الزاج، فيما بين بياس وبوقا، يقال لها الجرجومة. وأن أمرهم كان في أيام استيلاء الروم على الشام وأنطاكية إلى بطريق أنطاكية وواليها.
فلما قدم أبو عبيدة أنطاكية وفتحها لزموا مدينتهم وهموا باللحاق بالروم إذا خافوا على أنفسهم، فلم ينتبه المسلمون لهم ولم ينبهوا عليهم. ثم إن أهل أنطاكية نقضوا وغدروا، فوجه إليهم أبو عبيدة من فتحها ثانية، وولاها بعد فتحها حبيب بن مسلمة الفهري. فغزا الجرجومة فلم يقاتله أهلها، ولكنهم بدروا بطلب الأمان والصلح. فصالحوه على أن يكونوا أعوانا للمسلمين وعيونا ومسالح في جبل اللكام، وأن لا يؤخذوا بالجزية، وأن ينفلوا أسلاب من يقتلون من عدو المسلمين إذا حضروا معهم حربا في مغازيهم. ودخل من كان في مدينتهم من تاجر وأجير وتابع من الأنباط وغيرهم وأهل القرى في هذا الصلح، فسموا الرواديف لأنهم تلوهم وليسوا منهم. ويقال إنهم جاؤوا بهم إلى عسكر المسلمين وهم أرداف لهم فسموا رواديف. فكان الجراجمة يستقيمون للولاة مرة ويعوجون أخرى فيكاتبون (ص 159) الروم ويمالئونهم.
فلما كانت أيام ابن الزبير وموت مروان بن الحكم وطلب عبد الملك الخلافة بعده لتوليته إياه عهده واستعداده للشخوص إلى العراق لمحاربة المصعب ابن الزبير، خرجت خيل للروم إلى جبل اللكام وعليها قائد من قوادهم، ثم صارت إلى لبنان وقد ضوت إليها جماعة كثيرة من الجراجمة وأنباط وعبيد أباق من عبيد المسلمين. فاضطر عبد الملك إلى أن صالحهم على ألف دينار في كل جمعة، وصالح طاغية الروم على مال يؤديه إليه لشغله عن محاربته وتخوفه أن