كتاب فتوح البلدان عنى المؤرخون المسلمون في القرن الثاني عناية كبرى بتدوين السير والمغازي. فقد غلب عليهم تدوين أخبار الرسول وحياته وكان ذلك شغلهم الشاغل (1). أما في القرن الثالث، فقد ظهرت العناية بتدوين الفتوح وكان أبرز من دونها، قبل أحمد بن يحيى، أبو حذيفة إسحاق بن بشر (206)، والواقدي (207) وأبو عبيدة معمر بن المثنى (- 210) وعلي بن محمد المدائني (- 225) وقد لحق هؤلاء فيما بعد ابن عبد الحكم المتوفى سنة (257).
ألف أبو حذيفة في فتوح بيت المقدس (2). والواقدي في فتوح الشام وفتوح العراق (3). ونسبت إليه كتب في فتوح إفريقية، ومنف، والإسكندرية، والجزيرة، والعجم. أما المدائني فقد زاد على من سبقه وأربى. فألف في الفتوح عددا كبيرا من الكتب. كفتوح الشام، والعراق، والبصرة، وخراسان، وسجستان، وفارس، والأبلة، وأرمينية، وكرمان، وكابل، وعمان، وطبرستان، ومصر، والري، والجزيرة، والأهواز، والبحرين، وبرقة، ومكران، والحيرة.. أفرد لكل بلد كتابا (4). وألف ابن عبد الحكم فتوح مصر والمغرب (5).
وهكذا كان بين يدي أحمد بن يحيى مادة خصبة في الفتوح وجدها قبل أن يؤلف كتابه.