فليس لمن كانت هذه صفته أن يتحيز مع الخاصة. مع أنه لو حسنت نيته لم تحتمل فطرته معرفة الفصول وتمييز الأمور.
فإن قالوا: ولعلهم لا يعرفون الله ورسوله كما لا يعرفون عدله من جوره، وتشبيهه بخلقه من نفى ذلك عنه، وكما لا يعرفون [القرآن و (1)] تفسير (2) جمله، وتأويل منزله.
قيل لهم: إن قلوب البالغين مسخرة لمعرفة رب العالمين. ومحمولة على تصديق المرسلين، بالتنبيه على [مواضع (1)] الأدلة، وقصر النفوس على الروية، ومنعها [عن (1)] الجولان والتصرف، وكل ما ربث عن التفكير (3)، وشغل عن التحصيل، من وسوسة أو نزاع شهوة، لان الانسان ما لم يكن معتوها أو طفلا فمحجوج على ألسنة المرسلين عند جميع المسلمين، ولا يكون محجوجا حتى يكون عالما بما أمر به، عارفا بما نهى عنه، لان من لم يعلم في أي الضربين سخط الله وفى أي النوعين رضاه، ثم ركب السخط أو أتى الرضا، لم يكن ذلك منه إلا على الاتفاق. وإنما الاستحقاق مع القصد، والله يتعالى أن يعاقب من لم يرد خلافه ولم يعرف رضاه، أو يحمد من لم يعتمد رضاه ولم يقصد إليه.
ولم يكن الله ليعدل صنعته ويسوى أداته (4)، ويفرق بينه وبين المنقوص في بنيته وتركيبه، إلا ليفرق بين حاله وحال الطفل والمعتوه.