العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٢٥٤
لأنها قد تحجم (1) [عن] دعوى الفتيا، ولا تتهافت فيها، [ولا] تتسكع فيما لا يعرف منها (2)، ولا تستوحش من الكلام في [التعديل والتجوير، ولا تفرغ من الكلام في (3)] الاختيار والطباع، ومجئ الاخبار (4) وكل ما جرى سببه من دقيق الكلام وجليله في الله وفى غيره.
ولو برز (5) عالم على جادة منهج وقارعة طريق، فنازع في النحو واحتج في العروض. وخاض في الفتيا، وذكر النجوم والحساب، والطب والهندسة، وأبواب الصناعات، لم يعرض له ولم يفاتحه إلا أهل هذه الطبقات.
ولو نطق بحرف في القدر حتى يذكر العلم والمشيئة (6)، والاستطاعة والتكليف، وهل خلق الله الكفر وقدره؟ أو لم يخلقه ولم يقدره لم يبق حمال أغثر (7) ولا يطاف (8) غث، ولا خامل غفل، ولا غبي كهام، ولا جاهل سفيه، إلا وقف عليه ولاحاه، وصوبه وخطاه، ثم لم يرض حتى يتولى من أرضاه، ويكفر من يخالف هواه. فإن جاراه محق، أو أغلظ له واعظ، واتفق أن يكون بحضرته أشكاله، استعوى أمثاله (9) فأشعلوها فتنة، وأضرموها نارا.

(1) ب: " عجزت " والتكملة التالية من ب.
(2) التسكع: أن يمشى متعسفا لغير وجهة. ب: " ولا تتسع ".
(3) التكملة من ب.
(4) ب: " الآثار ".
(5) في الأصل: " ولم يرد " صوابه من ب.
(6) هذا ما في ب. وفى الأصل: " التشبيه ".
(7) الاغثر. الأحمق الجاهل.
(8) كذا في ب. والحرف الأول مهمل في الأصل.
(9) استعواهم: نعق بهم إلى الفتنة.
(٢٥٤)
مفاتيح البحث: الجهل (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»