وإنا معشر أصحاب المعرفة قد تعمدنا الكذب عليهم. حين زعمنا أنهم يعرفون ذلك. ويفرقون بين معانيه، ومرة تزعمون أنهم يعرفون ما يعرفه الخواص والعلماء، ويعلمون ما يعلمه المتكلمون والفقهاء، من إقامة الأئمة وعقد الخلافة. فمرة تخرجونهم من جميع المعرفة، ومرة تجعلونهم في غاية المعرفة.
وأعدل الأمور في ذلك وأقسطها أن تزعموا أنهم يعرفون جمل الشرائع الظاهرة الجلية (1) وجمل السنن الواضحة المستفيضة، ويجهلون تفسير جملها وتأويل منزلها، وكل منصوص لم (2) يظهر كظهور الحج، ولم يشهر كشهرة (3) صوم رمضان، وغسل الجنابة، وتحريم الخمر والخنزير والميتة والدم.
ولكن دعونا جانبا. واضربوا عما نقول صفحا. وقربوا جميع القولين لنتعاون عليهما. فأيهما كان أثبت على الامتحان، وأنفى للقذى، وأحسن مغزى، وأجد على الأيام. وأصح على التقليب، دنا به، وحامينا عليه.
وتقربنا به، وآثرناه على ما سواه.
على أنا لا نستملى حق ذلك وصدقه إلا منكم، ولا نحتج عليكم إلا بما تقرون به على أنفسكم.
خبرونا عن العوام: هل يخلو أمرهم من أن يكونوا محجوجين أو غير محجوجين؟ فإن كانوا غير محجوجين فقد دخلوا في أكثر مما عابوا.
وإن كانوا محجوجين فهل تخلو الحجة الذي بها قطع الرسول عذرهم من ضربين: إما أن تكون المعرفة بصدق الرسول وفصل ما بينه وبين