الأمور ترد على القلوب، وتهجم على العقول على طول الأيام، [إما] بالخبر الذي يشفى من الشك ويبرئ السقم، وإما بالعيان (1) الذي يثلج الصدور ويضطر العقول.
وقد علمنا نحن على حداثة أسناننا وتقادم الناس قبلنا. أن جالينوس قد كان بائنا في طبه، وأن الارسطاطاليس كان البائن في المنطق.
وكذلك علمنا أن قيس بن زهير كان داهية قيس في الجاهلية، وأن الحارث بن ظالم كان فاتكها، وأن هرم بن سنان كان جوادها. وأن النابغة كان شاعرها، وأن الحارث بن كلدة كان أطبها، وأن عامر ابن الطفيل كان أفرسها. ولم نضع قط في هذا شورى، ولا وضعه من كان قبلنا، ولا استجمعت قيس فقابلت بين خصال هؤلاء (2) وبين جميع قيس، لتعرف الفضيلة بالموازنة (3) والمقابلة، ولا احتاجوا في ذلك إلى الاقراع والمساهمة.
وإذا كنا مع تقادم الاخبار نعرف البائن في كل عصر. والمقدم في كل أمر، فعلى شبيه ما وصفنا (4) يعرف الناس فضيلة المستوجب.
والخير لا يستطاع كتمانه، والشر لابد من ظهوره.
واعلم أنه لا يمكن أن يكون رجل أعلم الناس بالدين والدنيا ثم لا يسمع به، لأنه لا يصير كذلك إلا بالاختلاف إلى العلماء، وبطول