العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٢٥٩
المتنبي كما نقول. وإما أن تكون الحجة في الدليل على المعرفة، وليست بالمعرفة.
فإن زعموا أن الحجة هي المعرفة فقد وافقوا وأصابوا، وإن زعموا أنها الدليل على المعرفة فليخبرونا عن ذلك الدليل ما هو؟
فإن قالوا: هو كلام الذئب (1) وحنين العود (2)، وإظلال الغمامة (3)، وقصة الميضاة (4) وخد الشجرة (5)، وكلام الذراع (6)، وعجز الشعراء عن تأليف القرآن، والبشارات برسالته في الكتب.
قلنا: قد صدقتم فيما ذكرتم من هذه الآيات والأعاجيب، ولكن

(1) هو ذئب أهبان بن أوس الصحابي. قالوا: كلمه الذئب وبشره بالرسول. انظر حواشي الحيوان 3: 513.
(2) انظر لحنين الجذع سيرة ابن سيد الناس 1: 239 - 241. وجاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى في أصل أسطوانة جذع في مسجده، ثم تحول إلى أصل أخرى، فحنت إليه الأولى ومالت نحوه، حتى رجع إليها فاحتضنها وسكنت.
وفى حديث آخر أنه كان يصلى إلى جذع في مسجده فلما عمل له المنبر صعد إليه، فحن الجذع إليه، أي نزع واشتاق، انظر اللسان (حنن).
(3) كان ذلك فيما يروون في رحلة إلى الشام. السيرة 120 جوتنجن.
(4) الميضأة: الاناء يتوضأ منه. وهو إشارة إلى ما ورد من أنه صلى الله عليه وسلم أتى بقدح فيه ماء فوضع أصابعه في القدح فلم يسع، فوضع أربعة منها وقال: هلموا. فتوضؤوا أجمعين وهم من السبعين إلى الثمانين. سيرة ابن سيد الناس 2: 288.
(5) الخد: الشق. في الأصل: " وخد البشرة " تحريف، وفى سيرة ابن سيد الناس 2: 286: " ونام فجاءت شجرة تشق الأرض حتى قامت عليه فلما استيقظ ذكرت له فقال:
هي شجرة استأذنت ربها في أن تسلم على فأذن لها ".
(6) هو ذراع الشاة التي أهدتها إليه زينب بنت الحارث، امرأة سلام بن مشكم. وكانت أكثرت له من السم في الذراع فتناول الذراع فلاك منها مضغة فلم يسغها ثم قال: " إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم ". السيرة 764 - 765.
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»