وإذا عزم تحرك أو سكن وهدأ (1) بالجوارح [دون القلب. وكما أن الجوارح (2)] لا تعرف قصد النفس ولا تروى في الأمور، ولم يخرجها ذاك من الطاعة للعزم، فكذلك العامة لا تعرف قصد القادة (3) ولا تدبير الخاصة، ولا تروى معها، وليس يخرجها ذلك من طاعة عزمها، وما أبرمت من تدبيرها.
والجوارح والعوام وإن كانت مسخرة ومدبرة فقد تمتنع لعلل تدخلها، وأمور تصرفها، وأسباب تنقضها (4) كاليد يعرض لها الفالج. واللسان يعتريه الخرس، فلا تقدر النفس على تسديدهما وتقويمهما، ولو اشتد عزمها وحسن تأتيها ورفقها. وكذلك العامة عند نفورها وتهييجها (5) وغلبة الهوى والسخف عليها، وإن حسن تدبير الخاصة وتعهد الساسة.
غير أن معصية الجارحة أيسر ضررا وأهون أمرا، لان العامة إذا انكفت (6) بالخاصة وتنكرت للقادة، وتشزنت على الراضة (7) كان البوار الذي لا حيلة له، والفناء الذي لا بقاء معه.
وصلاح الدنيا وتمام النعمة، في تدبير الخاصة وطاعة العامة، كما أن كمال المنفعة وتمام درك الحاجة (8) بصواب قصد النفس وطاعة الجارحة،