الخلفاء، وطبائع الخلفاء فوق طبائع الوزراء، وكذلك الناس على منازلهم من الفضل، وطبقاتهم من التركيب في البخل والسخاء. والبلدة والذكاء، والغدر والوفاء. والجبن (2) والنجدة. والجزع [والصبر (3)] والطيش والحلم، والكبر والتيه، والحفظ والنسيان، والعي والبيان.
ولو كانت العامة تعرف من الدين والدنيا ما تعرف الخاصة كانت العامة خاصة. وذهب التفاضل في المعرفة، والتباين في البنية. ولو لم يخالف بين طبائعهم لسقط الامتحان وبطل الاختبار، ولم يكن (4) في الأرض اختيار، وإنما خولف بينهم في الغريزة ليصبر صابر، ويشكر شاكر، وليتفقوا على الطاعة. ولذلك كان الاختلاف هو سبب الائتلاف (5).
ويقال لهم عند ذلك: إنكم قد أكثرتم في أمر العوام، وخلطتم في الحكم عليهم. فمرة تزعمون أنا نكذب عليهم حين نزعم أنهم غير محجوجين، لانهم بزعمكم لا يفصلون بين الأمور، ولا يفرقون بين الكاذب المحتال وبين الصادق المحق. وجعلتم الدليل على ذلك أنكم اعترضتموهم بزعمكم فسألتموهم عن الدليل والحجة، والفرق والعلة، فلم تجدوهم يشعرون بما (6) يلزم فيها ولا يعرفون بابها، وكيف الكلام فيها.