العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٢٤٤
يوازنه. وقد ينبغي أن تطرحوا موضع الفرقة وتقضوا بموضع الجماعة، وقد جامعتمونا أن عليا لم يزل مؤمنا.
قيل لهم: إنا لو كنا عرفنا أنه قد كان مرة كافرا من قبل خبر أصحابنا ومجامعة خصومهم لهم، وكان علم ذلك لا يصاب إلا بمجامعتهم لأصحابنا، لقد كان الذي قلتم واجبا وقياسا صحيحا. ولكنا عرفنا أنه قد كان كافرا بقدر من الخبر قد يكذب مثله (1) وبه ثبت عندنا أنه قد كان في الدنيا، فضلا على أن يكون كان له فعل يسمى كفرا وإيمانا.
وإنما الحجة في المجئ الذي لا يكذب مثله، ثم لا نلتفت بعد ذلك إلى موافق ولا إلى مخالف، ولا إلى عقل ولا إلى نظر. ثم نظرنا فإذا الوجه الذي منه علمنا أنه قد كان في الدنيا، منه علمنا أنه قد كان مرة كافرا، و [هو] الوجه الذي منه علمنا أنه قد أسلم بعد كفره. ولو أنا عرفنا كفره بنا وبخصومنا، لما عرفنا إيمانه إلا بنا وبهم.
ووجه آخر من الجواب: أنكم قد جامعتمونا على أنه قد كان يشهد الشهادة. ويأكل الذبيحة، ويظهر الاسلام، في حيث النفاق مستخف وثوب الاسلام داج (2)، والكفر ذليل والاسلام عزيز، [ثم] ادعيتم بعد أن أقررتم أنه قد كان يظهر الاسلام في دار الاسلام، أنه كان مستسرا بالكفر، وأنه كان من المؤلفة قلوبهم.
قال واجب بالقياس أن يحكم له بالاسلام على ظاهر ما اجتمعنا عليه من جملته. ولا ندع موضع الاجماع إلى قولكم وحدكم: إنه قد كان إسلامه

(1) في الأصل: " لا يكذب مثله ".
(2) دجا: الاسلام: قوى وألبس كل شئ، كما يدجو الليل، إذا تم وألبس كل شئ.
(٢٤٤)
مفاتيح البحث: الشهادة (1)، الجماعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»