فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٨٩
هربيس فإذا دللتني عليه اطلقتك فقال له العلج انذا دللتك عليه تطلقني فقال خالد نعم لك ذلك فقال العلج يا أخا العرب قم من علي صدري حتى ادلك عليه فقام خالد من على صدره فوثب العلج ونظر يمينا وشمالا قال ثم قال لخالد أترى هذا الجبل وهذه الخيل الصاعدة اقصدها فان هربيس فيها قال فوكل خالد بالعلج واحدا وهو ابن جابر ثم اطلق خالد عنان جواده حتى لحق بهم وصرخ عليهم وقال يا ويلكم اني لكم مني خلاص فلما سمع هربيس ذلك ظنه من بعض العرب فزعق فيه ورجع ورجعت البطارقة بالسلاح فقال لهم خالد يا ويلكم ظننتم ان الله لا يمكننا منكم أنا الفارس الصنديد انا خالد بن الوليد ثم طعن فارسا فرماه واخر فأرداه فما سمع هربيس كلام خالد قال لأصحابه يا ويلكم هذا الذي قلب الشام على أصحابه هذا صاحب بصرى وحوران ودمشق وأجنادين دونكم وإياه قال فطمع القوم فيه لانفراده عن أصحابه وكان المسلمون في قتال الروم ونهب الأموال وكل منهم مشتغل بنفسه قال فترجلت البطارقة حول خالد لأنهم في جبل كثير الوعر وأحاطوا بخالد بن الوليد فعندها ترجل عن جواده واخذ سيفه وجحفته وصبر لقتالهم قال حدثني شداد بن أوس وكان ممن حضر وقعة مرج الديباج وقال خالد قد صحت الرؤيا فلما ترجل اقبل يقاتل بنفسه واقبل اليه هربيس وهو مشتغل بالقتال وأتاه من ورائه وضرب خالدا بالسيف فوقع السيف على البيضة فقدها وقد عمامته وانقض السيف من يد هربيس وخاف خالد ان يلتفت إلى ورائه فتهجم عليه الروم وخاف ان يفلت هربيس من بين يديه فعند ذلك صاح بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير كأنه مستبشر بشيء اغاثه أو ادركه وذلك خديعة منه وحيلة يريد بها ان يتمكن من الاعلاج فبينما هو كذلك إذ سمع من المسلمين زعقات وقد اخذت الروم من ورائهم وهم يصيحون بالتهليل والتكبير وقائل يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله أتاك النصر من رب العالمين انا عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق فلما سمع خالد صوته لم يلتفت إلى عبد الرحمن ولا إلى من معه ومضى يفرق الاعلاج ذات اليمين وذات الشمال وما ان سمع اللعين هربيس أصوات المسلمين أراد الهرب فلحقه سيدنا خالد وضربه ضربة فأرداه قتيلا وعجل الله بروحه إلى النار واستطال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحاب هربيس ونزلوا فيهم بالسيف حتى ابادوهم عن اخرهم وكان أكثرهم قتلا من يد ضرار بن الأزور فلما انكشف الكرب عن خالد ونظر إلى ما فعل ضرار قال أفلح وجهك يا ابن الأزور فما زلت مباركا في كل افعالك انجح الله اعمالك وأصلح ربي
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»