فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٩٤
الزاهد في دنياه وهذا الغليظ على من أتبع في غير ملته هواه واني أرجو لكم النصر ان أمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر وتركتم الظلم واتبعتم المسيح في أداء المفروضات ولزوم الطاعات وترك الزنا وأنواع الخطايا وان أبيتم الا الفساد والفسوق والعصيان والركون إلى شهوات الدنيا يسلط الله عليكم عدوكم ويبلوكم بما لا طاقة لكم به ولقد أعلم أن دين هؤلاء سيظهر على كل دين ولا يزال أهله بخير ما لم يغيروا ويبدلوا فاما ان ترجعوا اليه واما ان تصالحوا القوم على أداء الجزية فلما سمع القوم ذلك نفروا وبادروا اليه وهموا بقتله فسكن غضبهم بلين كلامه ولاطفهم وقال لهم انما أردت أن أرى حميتكم لدينكم وهل تمكن خوف العرب في قلوبكم أم لا ثم استدعى برجل من المتنصرة يقال له طليعة بن ماران وضمن له مالا وقال له انطلق من وقتك هذا إلى يثرب وانظر كيف تقتل عمر بن الخطاب فقال له طليعة نعم أيها الملك ثم تجهز وسار حتى ورد مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكمن حولها وإذا بعمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج يشرف على أموال اليتامى ويفتقد حدائقهم فصعد المتنصر إلى شجرة ملتفة الأغصان فاستتر بأوراقها وإذا بعمر رضي الله عنه قد اقبل إلى أن قرب من الشجرة التي عليها المتنصر ونام على ظهره وتوسد بحجر فلما نام هم المتنصر ان ينزل اليه ليقتله وإذا بسبع أقبل من البرية فطاف حوله وأقبل يلحس قدميه وإذا بهاتف يقول يا عمر عدلت فأمنت فلما استيقظ عمر رضي الله عنه ذهب السبع ونزل المتنصر وترامى على عمر رضي الله عنه فقبل يديه وقال بأبي أنت وأمي أفدى من الكائنات من السباع تحرسه والملائكة تصفه والجن تعرفه ثم أعلمه بما كان منه وأسلم على يديه قال الواقدي ثم إن عمر رضي الله عنه كتب كتابا لأبي عبيدة بن الجراح يقول فيه قد وليتك على الشام وجعلتك أميرا على المسلمين وعزلت خالد بن الوليد والسلام ثم سلم الكتاب إلى عبد الله بن قرط وأقام قلقا على ما يرد عليه من أمور المسلمين وصرف همته إلى الشام تولية أبي عبيدة قال الواقدي حدثني رافع بن عميرة الطائي قال حدثني يونس بن عبد الأعلى وقد قرأت عليه بجامع الكوفة قال حدثني عبد الله بن سالم الثقفي عن أشياخه الثقات قال لما كانت الليلة التي مات فيها أبو بكر الصديق رضي الله عنه رأى عبد الرحمن بن عوف الزهري رضي الله عنه رؤيا قصها على
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»