فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٨٨
قال الواقدي ففرح العرب بذلك قال رافع بن عميرة الطائي كنت في الميمنة مع خالد بن الوليد إذ نظر إلي فارس زيه زي الروم وقد نزل عن جواده وهو يقاتل علجة مع نساء الروم وهي تظهر عليه مرة فدنوت انظرها فإذا هو يونس الدليل وهو يقاتل زوجته ويصارعها صراع الأسد قال رافع فدنوت ان أتقدم اليهما فاعينه فقصد إلي عشرة من النساء يرمين قومي بالحجارة فخرج حجر كبير من امرأة حسناء عليها ثياب الديباج قال فوقع الحجر في جبهة جوادي فانكب على رأسه وكان جوادا شهدت عليه اليمامة فسقط الجواد ميتا قال فأسرعت في طلبها فهربت من بين يدي كأنها ظبية القناص وهربت النساء من وراءها فلحقتهن وقصدت قتلهن وزعقت عليهن وكنت أريد قتلهن ومالي قصد الا الجارية التي قتلت حصاني فدنوت منها وعلوت بالسيف على رأسها فجعلت تقول الغوث الغوث فرجعت عن قتلها وأقبلت إليها وإذا عليها ثياب الديباج وعلى رأسها شبكة من اللؤلؤ فاخذتها أسيرة من النساء وأوثقتها كتافا ورجعت على اثري فركبت جوادا من خيل الروم ثم قلت والله لأمضين وانظر ما كان من امر يونس فوجدته وهو جالس وزوجته بجانبه وقد تلطخت بدمائها وهو يبكي عليها فلما رأيتها قلت لها اسلمي فقال لا وحق المسيح لا اجتمعت انا وأنتم ابدا ثم أخرجت سكينا كانت معها فقتلت بها نفسها فقلت ان الله عز وجل أبدلك ما هي أعظم منها وعليها ثياب الديباج وشبكة من اللؤلؤ وهي كأنها القمر فخذها لك بدلا عن زوجتك فقال اين هي فقلت ها هي معي قال فلما نظر إليها والى ما عليها من الحلى والزينة وتبين حسنها وجمالها راطنها بالرومية وسألها عن امرها فرطنت عليه وهي تبكي فالتفت إلي وقال لي أتدري من هذه قلت لا فقال هذه ابنة الملك هرقل زوجة توما وما مثلي يصلح لها ولا بد لهرقل من طلبها ويفديها بماله قال وافتقد المسلمون خالدا فلم يجدوا له اثرا فقلقوا عليه قلقا عظيما وخالد رضي الله عنه غائص في المعركة وقصد اللعين هربيس بعد قتل توما فبينما هو يحمل يمينا وشمالا إذ نظر علجا من علوج الرومان عظيم الخلقة احمر اللون فظن خالد انه اللعين فأطلق جواده نحوه وطلبه طلبا شديدا ليقتله فلما نظر اليه العلج والى حملته فر هاربا من بين يديه فوكزه خالد بالرمح وإذا هو واقع على الأرض على أم رأسه فانقض عليه خالد كالأسد وهو يقول ويلك يا هربيس أطننت انك تفوتني وذلك العلج يعرف العربية فقال يا عربي ما انا هربيس أطننت انك فابق علي ولا تقتلني فقال خالد مالك من يدي خلاص الا إذا كنت تدلني على
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»