الهلاك فلما سمع ذلك منهم تبسم ضاحكا وقال يا ويلكم أطمعتم العرب فيكم وحق راس الملك ما أرى القوم أهلا للقتال ولا هم خاطرون لي على بال فلو فتح لهم الباب ما جسروا ان يدخلوا فقالوا أيها السيد ان أكبرهم وأصغرهم يقاتل العشرة والمائة وصاحبهم داهية لا تطاق فإن كان ولا بد فأخرج بنا لقتالهم فقال لهم توما انكم أكثر منهم ومدينتنا حصينة ولكم مثل هذا العدد والسلاح وأما القوم فهم حفاة عراة فقالوا له أيها السيد ان معهم من عددنا واسلحتنا كثيرا مما أخذوه من واقعة فلسطين ومما أخذوه من بصرى ومن يوم لقائهم بكلوس وعزازير ومما أخذوه من أجنادين وأيضا ان نبيهم قال لهم ان من قتل منا صار إلى الجنة فلأجل ذلك يبقون عراة الأجساد ليصلوا إلى ما قال لهم نبيهم قال فضحك من قولهم وقال لهم لأجل ذلك أطمعتم العرب فينا ولو صدقتم في الحرب والصدام لقتلتموهم لأنكم اضعافهم مرارا فقالوا أيها السيد اكفنا مؤونتهم كيف شئت واعلم انك ان لم تمنعهم عنا فتحنا لهم الأبواب وصالحناهم فلما سمع توما كلامهم فكر طويلا وخشي أن تفعل القوم ذلك فقال انا أصرف عنكم هؤلاء العرب واقتل أميرهم وأريد منكم ان تقاتلوا معي قالوا نحن معك وبين يديك نقاتل حتى نهلك عن أخرنا فقال لهم باكروا القوم بالقتال فانصرفوا عنه وهم له شاكرون ولامره منتظرون وباتوا بقية ليلتهم على الحصن وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواضعهم ولهم ضجة بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير وخالد بن الوليد عند الدير ومعه النساء والعيال والأموال والغنائم التي غنموها من أعدائهم ورافع بن عميرة على الباب الشرقي في عسكر الزحف وغيرهم ولم يزل الناس في الحرس إلى أن برق الصباح وصلى كل أمير بمن معه من قومه وصلى أبو عبيدة بمن معه ثم أمر أصحابه بالزحف وقال لهم لا تخلوا عن القتال واركبوا الخيل حدثني رفاعة بن قيس قال سألت والدي قيسا وكان ممن حضر فتوح دمشق الشام فقلت له أكنتم تقاتلون في دمشق خيالة أو رجالة يوم حصار المسلمين فقال ما كان أحد منا فارسا الا زهاء الفي فارس مع ضرار بن الأزور وهو يطوف بهم حول العسكر وحول المدينة وكلما أتى بابا من الأبواب وقف عنده وحرض أهله على القتال وهو يقول صبرا صبرا لأعداء الله قال وأقبل توما صهر الملك هرقل من بابه الذي يدعى باسمه وكان عندهم عابدا راهبا ولم يكن في بلاد الشرك أعبد منه ولا أزهد في دينهم
(٧١)