فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٦٠
ملوك الشام فلما سمع اصطفان بذلك خرج كأنه شعلة نار وحمل على ضرار وقال له ويلك قد نزل بك ما لا قدرة لك به قال فلم يدر ضرار ما يقول غير أنه أخذ ححذره منه وقد أخرج اصطفان صليبا من الذهب وجعله في عنقه في سلسلة من الفضة وجعل يقبله ويرفعه على رأسه فعلم ضرار انه يستنصر به عليه فقال ضرار رضي الله عنه ان كنت تستنصر علي به فأنا أستنصر بالقريب المجيب الذي هو ممن دعاه قريب ثم حمل عليه وأرى الناس أبوابا من الحرب حتى ضج الناس من قتالهما فصاح خالد يا بان الأزور ما هذا التكاسل والتغافل والجنة قد فتحت لك والنار قد فتحت لأعدائك وإياك الكسل فان الله عز وجل يعينك قال فأيقظ ضرار نفسه وانقض من سرجه وحمل على خصمه وتصايحت الروم بصاحبها تشجعه وكلاهما في ضرب عظيم وقد حميت الشمس وتعب الجوادان فأشار البطريق إلى ضرار أن ترجل حتى نتقابل فهم ضرار أن يترجل شفقة على الجواد وإذا بصفوف الروم قد خرجت ورجل يقود جنيبا امامهم وكان ذلك غلام البطريق فلما نظر اليه ضرار صاح في جواده وقال له اجلد معي ساعة والا شكوتك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فحمحم الجواد وشمر أجنحته جريا واستقبل ضرار غلام البطريق بطعنة فقتله واخذ الجنيب فركبه وأطلق جواده نحو عساكر المسلمين فتناولوه وعاد ضرار نحو البطريق فلما رآه اقبل اليه بعد ما قتل غلامه وركب جواده أيقن عدو الله بالهلاك وعلم أنه ان ولى قتله بلا محالة وان وقف أهلكه فلما نظر ضرار إلى عدو الله علم ما عنده فهجم عليه إذ نظر إلى الروم وقد خرج منهم دوس وذلك أن وردان لما نظر إلى صاحبه وقد اشرف على الموت علم أنه ان لم يدركه هلك فقال لقومه يا قوم ان هذا الشيطان قد أكل من كبدي قطعة وإذا لم أقتله قتلت نفسي ولا بد لي من الخروج اليه قال فخرج في عشرة من البطارقة وهم مدرعون وفي أرجلهم اخفاف من الحديد وسواعد من الحديد وبأيديهم أعمدة من الحديد ووردان قد لبس لامته وعلى رأسه تاج عظيم فخرجوا ووردان أمامهم كأنه شعلة نار ونظر أصطفان إلى من خرج فصرخ بضرار فلم يلتفت إلى من خرج اليه الا أنه تأهب فبينما هم كذلك إذ نظر خالد إلى القوم وخروجهم ونظر إلى التاج وهو يلمع على رأس صاحبهم فقال ان التاج لا يكون الا على رأس الملك ولا شك انه صاحب القوم قد خرج إلى صاحبنا فما الذي يقعدنا عن نصرته ثم قال لأصحابه لا يخرج الا عشرة حتى نساوي القوم فخرج خالد في عشرة أصحابه وأطلقوا الأعنة وقوموا الأسنة قال ووصل الروم إلى ضرار فاستقبلهم بقلب أقوى من الحجر الجلمود قال فناداه خالد
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»