وأريد أن يخرج إلي أمير العرب حتى أخاطبه بما أرسلت به قال فما استتم كلامه حتى خرج اليه خالد رضي الله عنه وهو كأنه شعلة نار فلما نظر اليه داود النصراني قال له يا عربي على رسلك فما خرجت أحارب ولا أنا من رجال الحرب وما أنا الا رسول فلما سمع خالد مقالته قرب منه وقال اذكر مسألتك واستعمل الصدق تنج فمن صدق نجا ومن كذب هلك فقال صدقت يا عربي ان أميرنا وردان كاره سفك الدماء وقد رأى شدتكم ولا يريد حربكم وقد نظر إلى من قتل من جماعته فكره أن يحاربكم وقد رأى أن يدفع لكم مالا ويحقن به دماء الناس لكن بشرط ان يكون بينك وبينه كتاب وتشهد عليك كبراء قومك انك لا تتعرض له ولا لاحد من أصحابه ولا لحصن من حصونه فان فعلت ذلك وثق بقولك وهو يسألك أن تقطع الحرب بقية يومك فإذا أصبحت فأخرج بنفسك ولا يكن معك أحد ويخرج هو أيضا منفردا فننظر ما تتفقان عليه عسى ان تحقنا دماء الناس بيننا وبينكم قال فلما سمع خالد ما نطق به داود قال له ان كان ما أخبر به صاحبكم يريد به حيلة أو مكيدة فنحن والله جرثومة الخداع وما مثلنا يأتي بحيلة ولا بخديعة فإن كان ذلك ضميره واعتقاده فما هو الا قرب أجله وانقطاع عمره وهلاك جموعكم والانفصال بيننا وبينكم وان كان ذلك حقا من قوله فلست اصالحه الا إذا أدى الجزية عن جماعته وأما المال فلست براغب فيه الا على ما ذكرته لكم وعن قريب نأخذ أموالكم ونملك بلادكم فقال داود وقد عظم عليه كلام خالد ما يكون الامر الا كما ذكرت فإذا توافقتم كان الانفصال بيننا وها انا راجع فأذكر له ما ذكرت ثم لوى راجعا وقد امتلأ قلبه رعبا من خالد وفزع منه فزعا شديدا ثم قال في نفسه صدق والله أمير العرب وأنا اعلم والله ان وردان أول مقتول ونحن من بعده وما لي الا أن أصدق أمير العرب وأخذ لي ولأهلي منه أمانا ثم رجع إلى خالد وقال له يا أمير اني قد أضمرت على سر وأريد أن أبديه لك لأني أعلم أن البلاد لكم ان وردان قد نوى على شيء فقال خالد وما هو فقال خذ لنفسك الحذر وكن مستيقظا فإنه قد اضمر لك كيدا ثم أخبره بالقصة من أولها إلى اخرها ثم قال لخالد أريد منك الأمان لي ولأهلي فقال خالد الأمان لك ولأهلك ولأولادك ان أنت لم تخبر القوم ولم تغدر قال داود لو أردت أن أغدر لما حدثتك فقال خالد وأين كمين القوم قال عند كثيب عن يمين عسكرهم ثم إنه خلاه ورجع وأعلم وردان ففرح وقال الان أرجو أن يظفرني الصليب بهم ثم إنه دعا بعشرة من الابطال وقال لهم امضوا رجالة وأكمنوا وأمرهم أن يفعلوا ما دبروه وأما خالد فإنه رجع فلقيه امين الأمة أبو عبيدة فرآه ضاحكا فقال يا أبا سليمان اضحك الله سنك ما
(٦٣)