ليلتهم يصلون ويدعون الله ان ينصرهم على عدوهم ولم يزل كل واحد منهم في مصلاه إلى أن أضاء الفجر فصلوا صلاة الفجر فلما فرغوا من الصلاة لبس كل واحد ثياب غريمه ولباسه وغيبوا القتلى مخافة ان يرسل إليهم وردان خبرا معركة أجنادين قال الواقدي فلما أصبح الصباح صلى خالد بالناس ورتب أصحابه لاهبة الحرب فبينما هم كذلك إذ خرج من القلب فارس وقال يا معاشر العرب أريد أميركم ليخرج إلى صاحبنا وردان لننظر ما يتفقان عليه من أمر الجيشين وحقن الدماء بينهما قال فخرج اليه خالد بن الوليد فقال له الفارس ان وردان يريد ان تنتظره حتى تتكلم معه فقال خالد السمع والطاعة ارجع واخبره فعند ذلك خرج وردان وقد تزين بقلادة جوهر وعلى رأسه تاج فقال خالد عندما رآه هذه غنيمة للمسلمين إن شاء الله تعالى قال فلما نظر عدو الله إلى خالد ترجل عن جواده وكذلك خالد وجلس كلاهما وقد جعل عدو الله سيفه على فخذه فقال له خالد قل ما تشاء واستعمل الصدق والزم طريق الحق واعلم انك جالس بين يدي رجل لا يعرف الحيل فقال ما تريد فقال وردان يا خالد اذكر لي ما الذي تريدون وقرب الامر بيني وبينكم فان كنت تطلب منا شيئا فلا نبخل به عليك صدقة منا عليكم لأننا ليس عندنا أمة أضعف منكم وقد علمنا انكم كنتم في بلاد قحط وجوع تموتون جوعا فاقنع منا بالقليل وارحل عنا فلما سمع منه خالد هذا الكلام قال له يا كلب الروم ان الله عز وجل اغنانا عن صدقاتكم وأموالكم وجعل أموالكم نتقاسهما بيننا وأحل لنا نساءكم وأولادكم الا ان تقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله وان أبيتم فالحرب بيننا وبينكم أو الجزية عن يد وأنتم صاغرون وبالله اقسم ان الحرب اشهى لنا من الصلح اما قولك يا عدو الله لم تكن أمة أضعف منا عندكم فأنتم عندنا بمنزلة الكلاب وان الواحد منا يلقي ألفا منكم بعون الله تعالى وما هذا خطاب من يطلب الصلح فان كنت ترجو ان تصل إلى بانفرادي عن قومي وقومك فدونك وما تريد قال فلما سمع وردان مقالات خالد وثب من مكانه من غير أن يجرد سيفه وتشابكا وتقابضا وتعانقا قال فصاح عدو الله عندما وثق من خالد وقال لأصحابه بادروا الان الصليب قد مكنني من أمير العرب فما استم كلامه حتى بادر اليه الصحابة كأنهم عقبان يتقدمهم ضرار بن الأزور وقد رموا
(٦٥)