فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٦١
ابشر يا ضرار فقد أسعدك الجبار ولا تجزع من الكفار فقال ضرار رضي الله عنه ما أقرب النصر من الله وجاء خالد ومن معه والتقت الرجال بالرجال وانفرد كل واحد بصاحبه وطلب خالد وردان ولم يبرح ضرار عن خصمه اصطفان وقد كل ساعة وارتعدت فرائصه عندما نظر إلى خالد ومن معه فنظر يمينا وشمالا ليطلب الهرب فعلم ضرار منه ذلك فهجم عليه بسنانه فلما أيقن بالموت القى نفسه إلى الأرض وولى هاربا فبادر اليه ضرار والقى نفسه عن جواده وطلب عدو الله حتى لحقه وتقابضا على وجه الأرض وكان عدو الله كالصخر الجلمود وكان ضرار نحيف الجسم غير أن الله تعالى أعطاه قوة الايمان فلما طال بهم العراك ضرب بيده إلى مراق بطنه وقلعه من الأرض بحيله وجلد به الأرض فصاح عدو الله وجعل يستنجد بوردان وقال بالرومية أيها السيد انجدني مما انا فيه فقد هلكت فصاح وردان يا ويلك ومن ينقذني انا من هؤلاء السباع الكاسرة فسمع خالد ذلك فطمع فيه وحمل على وردان وهم ضرار بخصمه ونظر اليهما الفريقان وأقبل صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرار فلم يمهل خصمه دون حتى برك على صدره وذبحه مثل البعير وكل واحد مشتغل عن نصرة صاحبه قال فأخذ ضرار رأس عدو الله وهو ملطخ بالدماء وركب جواده وحملت الروم على المسلمين ونادى سعيد بن زيد يا معشر الناس اذكروا الوقوف بين يدي الله الملك الجبار فإياكم ان تولوا الادبار فتستوجبوا دخول النار يا أهل الايمان يا حملة القرآن اصبروا قال فزاد الناس بقوله نشاطا وتزاحم الفريقان قال وجاء وقت العصر فافترقوا وقد قتل من الروم ثلاثة آلاف وعشرة من ملوكهم ومنهم رومان صاحب الأميرة ودمر صاحب نوى وكوكب صاحب ارض البلقاء ولاوى بن حنا صاحب غزة قال ثم افترق القوم ورجع وردان إلى مكانه وقد امتلأ قلبه رعبا مما ظهر له من المسلمين من شدة صبرهم وقتالهم فجمع البطارقة وقال لهم يا أهل دين النصرانية ما تقولون في هؤلاء العرب فاني أراهم غالبين علينا وقد رأيت أسيافهم قاطعة وخيلهم صابرة وسواعدكم بليدة وان القوم أطوع منكم لربكم وما خذلتم الا بالظلم والجور والغدر وما مرادي منكم الا أن تتوبوا إلى ربكم فان فعلتم ذلك رجوت لكم النصر من عدوكم وان لم تفعلوا ذلك فائذنوا بحرب من المسيح وبهلاك أنفسكم فان الله عاقبكم أشد عقوبة إذ سلط عليكم أقواما لا نفكر بهم ولا نعدهم لان أكثرهم جياع وعبيد وعراة ومساكين اخرجهم الينا قحط الحجاز وجوعه وشدة الضرر والبلاء والان قد أكلوا من خبز بلادنا وفواكه أرضنا وأكلوا العسل والتين والعنب وأعظم ذلك سبي نسائكم وأموالكم
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»