بعزم شديد وحرب عتيد وإذا مقدمهم لا يصطلي له بنار فلقد أباد منا رجالا وجندل منا ابطالا ونحن في ألفي فارس وهم مائتان وكان فينا كالنار المحرقة فما زلنا نقاتلهم حتى أسرناهم بعدما قتل الفارس منهم الفارس والاثنين والثلاثة منا وبقي أميرهم إلى آخر الناس فقصدنا جواده بالسهام حتى قتلناه ووقع فهجمنا عليه وأخذناه أسيرا فإذ هو من أصحاب محمد وهو ضرار بن الأزور ونحن قاصدون بهم إلى الملك هرقل ليرى فيهم رأيه فاظهر لهم يوقنا الفرح وقال وحق ديني لقد فزت بالفخر بأسرك لهؤلاء وهذا الغلام فلقد بلغني عنه ما فعل بأبطال الشام وفرسان الروم ثم سار القوم جميعا يطلبون أنطاكية قال الواقدي حدثني الشريد بن عاصم عن شروان بن مجزل عن قادم ابن بشر عن زائدة بن معمر قال حدثنا بشار عن عوف عن صالح عن عبد الله عن جده مسروق قال المؤلف وحدثني هذا الحديث عباد بن عاصم عن عمران بن حصين قال لما فتح المسلمون حصن عزاز وترك مالك الأشتر عليها سعيد بن عمرو الغنوي والتقى بالفضل بن العباس ورجعا بالغنائم إلى حلب استبشر أبو عبيدة بسلامة الناس وبفتوح عزاز فسأل مالكا عن يوقنا فحدثه فيما بينه وبينه سرا وأنه قصد أنطاكية ليدخل على كلب الروم بحيلة ولم يكن له وجه يعود إليك به فقال أبو عبيدة الله ينصره ويظفره ويغفر له فلقد ظهر لنا منه ما لم يكن لنا في حساب ثم إنه كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتابا يقول فيه بسم الله الرحمن الرحيم من أبي عبيدة عامر بن الجراح إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب سلام عليك فاني أحمد الله الذي لا إله إلا هو وأصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أما بعد فان الله سبحانه له المنة علينا التي يستوجب بها الحمد من جميع المسلمين إذ فتح علينا مستصعب قلاع الكفر وحصونه وأذل لنا ملوكهم وأورثنا ارضهم وديارهم وان سبحانه قد فتح علينا قلعة حلب وأردفها بحصن عزاز وأن البطريق يوقنا صاحب حلب قد أسلم وحسن اسلامه وقد صار عونا للمسلمين على الكافرين من بعد ما قاسينا منه ما الله عالم به فالله يجازيه فلقد نصر الله به الدين ونصح للمسلمين وأباد المشركين وقد دخل أنطاكية يدبر حيلة على كلب الروم وقد ألقى بنفسه إلى الهلاك في طاعة الله ورسوله ولقد كتبت هذا الكتاب ونحن معولون على المسير إلى أنطاكية نقصد طاغية الروم فما بقي حصن سواه لأعدائنا قريبا منا ونحن طامعون في أخذه وأخذ سريره وكنوزه كما وعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فزودنا بالدعاء منك فإنه سلاح المؤمنين ودمار الكافرين والسلام عليك وعلى من معك من المسلمين ورحمة الله وبركاته ثم إنه أخرج الخمس وسلمه إلى رباح بن غانم اليشكري وضم إليه مائتي فارس من المسلمين فيهم قتادة وسلمة بن الأكوع وعبد الله بن بشار وجابر بن عبد الله ومثل هؤلاء رضي الله عنهم فأخذوا الخمس وساروا ثم أن أبا عبيدة دعا بضرار بن الأزور وضم اليه مائتي فارس وأمره أن يشن الغارة فركب ضرار
(٢٨٣)