والكرسي ويقال الوقت والزمان ويقال العدد والحساب ويقال أول ما خلق الله جوهرة فنظر إليها فصارت ماء ثم خلق العرش ياقوته وكان عرشه على الماء وانه نظر إلى الماء فاضطرب وارتعد وصعد منه دخان فخلق الله منه السماء ثم خلق الأرض وقيل خلق أولا العقل لأنه أراد أن ينتفع به الخلق وقيل أول ما خلق الله نورا وظلمة ثم دعاهما إلى الاقرار فأنكرت الظلمة وأقر النور فخلق منه الجنة لرضاه عنه وخلق النار من الظلمة لسخطه عليها وخلق أرواح السعداء من النور وأرواح الأشقياء من الظلمة فلأجل ذلك كل منهم يرجع إلى مستقره ويقال أول ما خلق الله نقطة فنظر إليها بالهيبة فتضعضعت وسالت ألفا فجعلها مبدأ كتابه العزيز فسبحان من ألف كتابه من نقطة وخلق خلقه من نقطة ثم يميتهم بقبضة ويحييهم بنفخة فلما سمع القس ذلك من كلام الفضل ابن العباس قال أشهد ان لا إله إلا الله وأشهد ان محمدا رسول الله هذا هو العلم الذي استأثر به أنبياء الله تعالى فلما نظر أهل عزاز إلى قسهم وقد أسلم اسلموا عن آخرهم الا قليلا منهم والله أعلم قال الواقدي حدثني عامر بن يحيى عن أسد بن مسلم عن دارم بن عياش عن جده قال لما أسلم أهل عزاز باسلام قسهم الذي كان معتقدهم عول الفضل ومالك على المسير إلى حلب فقال يوقنا أنا والله ما لي وجه أقابل به المسلمين لأني كنت قلت قولا ودبرت أمرا فلم يتم لي وأني سائر إلى أنطاكية فلعل الله أن يظفرني بالاعداء وينصرني عليهم فقال له الفضل ان الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم ليس لك من الامر شيء فلا تحمل قلبك هما فقال ودين الاسلام لا أرجع الا بأمر يبيض الله به وجهي عند اخواني المسلمين فنظر وقد صحبه مائتان من بني عمه ممن قد رسخ في قلوبهم الايمان ولهم عيال وأولاد في حلب فاخذهم يوقنا وسار يريد أنطاكية فلما قرب من ارضها أخذ منهم أربعة وأمر الباقي أن يتعوقوا خلفه أربعة أيام ثم يأتوا كأنهم هاربون من العرب ليتم ما دبره في خاطره وسار هو والأربعة على طريق حارم والباقي على طريق أرناح وقال لهم الميعاد بيننا أنطاكية ففعلوا ذلك وساروا وسار هو إلى أن اشرف على دير سمعان المشرف على البحر فوجد هناك خيلا ورجالا يحفظن الطرقات فلما رأوا يوقنا والأربعة معه بادروا إليهم واستخبروهم عن حالهم فقال لهم يوقنا أنا صاحب حلب وقد هربت من العرب فوكل بهم صاحب الدرك جماعة وأمرهم ان يسيروا بهم إلى الملك فأخذتهم الخيل وأتوا بهم اليه فوجدوه في كنيسة الفتيان يصلي فوقفوا حتى فرغ من صلاته فاوقفوا يوقنا بين يديه وقالوا أيها الملك ان بطرس صاحب الحرس الذي عند دير سمعان قد وجه بهذا ومن معه إليك ويزعم أنه صاحب حلب فلما سمع هرقل ذلك قال له يا يوقنا ما الذي اتى بك وقد بلغني أنك دخلت في دين العرب فقال أيها الملك لقد بلغك الحق وذلك اني ما أسلمت الا لمكيدة القوم حتى أتخلص من شرهم ومن كراهة منظرهم ونتن رائحتهم واني قلت
(٢٨٠)