فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٢٧٩
أهو هذا أم لا فعلمت انه كتم عني امره مخافة ان أذيع سره فكتمت ما قال لي البارحة فلما رأيت يوقنا وأصحابه اسرى قلت هذا يوقنا قد قتل أخاه يوحنا وعاند العرب وقاتلهم ثم إنه رجع إلى دينهم وما ذاك الا انه قد علم الحق معهم فقلت انا لنفسي قم أنت واقتل أباك وخلص يوقنا وأصحابه وارجع إلى دين هؤلاء فهو الدين الحق لا شك فيه فلما نام أبي بعدما شرب الخمر وسكر قتلته وسرت إلى خلاص يوقنا ومن معه فوجدت أخي لاوان قد سبقني إلى ذلك فقال له مالك يا غلام لم فعلت ذلك قال محبة في دينكم وأنا أشهد ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله فقال له مالك قبلك الله ووفقك ثم خرج مالك من الحصن وولاه سعيد بن عمرو الغنوي وترك معه المائة الذين كانوا مع يوقنا وقدموا اليه صاحب الراوندات ومن معه فعرض عليهم الاسلام فأبوا فضرب رقابهم قال الواقدي حدثني عبد الملك بن محمد عن أبيه حسان بن كعب عن عبد الواحد عن عبد الله بن قرط الأزدي ان فتح عزاز كان هكذا والذي ذكر ان بنات دراس وزوجته قتلنه لم يصح والله أعلم ثم إن مالكا الأشتر أراد ان يرحل فعرض عليه سبي عزاز فكان ألف رجل من الشباب والبنات ومائتين وخمسة وأربعين رجلا من الشيوخ والرهبان والفي امرأة من النساء والبنات ومائة وثمانين عجوزا ونظر إلى شيخ من الرهبان مليح الشبيبة واضح الهيبة فقال ان صدقت الفراسة فهذا القس الذي أخبرني به لوقا واخوه لاوان فدعا بهما وقال هذا هو القس الذي أخبرني به لوقا فقال نعم فقال له يا شيخ إذا كنت من علماء أهل الكتاب فكيف تكتم الحق عن مستحقيه فقال والله ما كتمت الحق عن مستحقيه ولكن خفت من الروم أن يقتلوني لان الحق ثقيل وقد قتلوا الأبناء والاخوة وذلك لأجل الحق فكيف أنا فقال له مالك افتدخل في ديننا فقال لست أدخل فيه الا إذا سألتكم عن مسائل وجدتها في الإنجيل فقال له مالك هات ما عندك فلما أراد القس أن يتكلم وقع الصياح في الحصن فارتاع الناس ووثب مالك لينظر ما خبر الناس وظن أن الروم قد غدرت بهم وإذا بأناس من المسلمين الذين بالحصن يقولون أيها الأمير خذوا حذركم فانا نرى غبرة على طريق منبج وبزاعة ولا ندري ما هي فركب مالك ومن معه ووقفوا ينتظرون ما ذاك وإذا قد لاح من تحتها خيول الاسلام وهم يسوقون السبايا والأموال والرجال وهم مشددون في الحبال ووراءهم الف فارس من المسلمين وأميرهم الفضل بن العباس رضي الله عنه وكان قد أرسله أبو عبيدة حتى غازي منبج والباب وبزاعة فوقع الكثير في الفريقين وسلم بعضهم على بعض وسأل الفضل مالكا عن قصته فحدثه أن الله قد فتح عزاز وأذل من فيها وحدثه بما كان من حديث يوقنا وانني ما منعني من الرحيل الا هذا القس وسؤاله فقال له الفضل أيها القس قل ما أنت قائل فقال القس أخبرني عن أي شيء خلقه الله تعالى قبل خلق السماوات والأرض فقال الفضل أول ما خلق اللوح والقلم ويقال العرش
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»