قال الواقدي حدثني سهل بن برقان رضي الله عنه عن السائب بن جازم عن الحكم بن مازن قال لما وقف ضرار والصحابة بين يدي هرقل خاطبهم من غير ترجمان وأراد الملك أن يسمع بطارقته وحجابه بما كان يحدثهم به حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أنه جمعهم اليه لما بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ظهر وقال هذا هو النبي المبعوث الذي بشر به عيسى بن مريم وهو صاحب الوقت ولا بد لدينه أن يظهر حتى يملأ المشرق والمغرب ثم إن هرقل دعاهم لاداء الجزية فأرادوا قتله فأراد ذلك اليوم ان يبين لهم حقيقة قوله وانه أراد بذلك الاصلاح لهم ولجالهم فقال لضرار ومن معه من يخاطبني منكم عما أسأله من العلم فأشاروا إلى قيس بن عاصم الأنصاري رضي الله عنه وكان شيخا معمرا وكان شاهد جميع أحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعجزاته وغزواته فلما أشاروا اليه قال للملك قل ما أنت قائل أيها الملك قال هرقل كيف نزل علي نبيكم الوحي أول مبتدأ أمره فقال قيس ابن عاصم سأل هذا السؤال لنبينا صلى الله عليه وسلم رجل من مكة يقال له الحرث بن هشام فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يأتيك الوحي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني أحيانا مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي فينفصم عني وقد وعيت عنه وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول قال قيس ولقد كان ينزل عليه في اليوم الشديد البرد فينفصم عنه وان جبينه ليرفض عرقا فأول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا الا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب اليه الخلاء فكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه أي يتعبد الليالي ذوات العدد فلم يزل كذلك حتى جاءه الملك وقال له اقرأ فقال لست بقارئ قال فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم ارسلني وقال لي أرسلي اقرأ فقلت ما أنا بقاريء فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق اقرا وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف بهافؤاده فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع فأخبر خديجة وقال لها لقد خشيت على نفسي فقالت له خديجة كالا لا يخزيك الله أبدا أنك تصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقوي الضعيف الضعيف وتعين على نوائب الدهر والحق وذكر الحديث بطوله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السماء فرفعت بصري فإذا أنا بالملك الذي جاءني بحراء وهو جالس على كرسي بين السماء والأرض فخشيت منه رعبا فرجعت إلى خديجة فقلت دثروني دثروني فأنزل الله تعالى يا أيها المدذر قم فأنذر الآية ثم حمى الوحي وتتابع ولقد كنت معه يوما في المسجد إذ دخل رجل ومعه بعير له فأناخه بالباب وعقله ودخل وقال السلام عليكم فرددنا عليه السلام فقال أيكم محمد فقلنا هذا الأبيض الوجه فقال له الرجل يا ابن عبد المطلب قد أتيت أسألك مشددا عليك فلا تجد علي في نفسك فقال له سل
(٢٨٧)