كان الملك ينفر مني فليول هذه الوظائف غيري وانا ما أبرح على ركابك ثم إنه بكى فقال له الملك أيها الدمستق ما وليتك هذا الامر الا وقلبي وخاطري وأثق بك من تكلم فيك بشيء سلمته إليك تفعل به ما تريد فشكره يوقنا وأراد الخروج إلى وظيفته التي ولاه إياها وإذا بخيل البريد قد أقبلت من مرعش وهم رسل ابنته زيتونة وانها خائفة من العرب وهي تريد القدوم عليك حتى ترى ما يؤول من الامر وانها تسألك أن ترسل لها جيشا يوصلها إليك فلما سمع الملك ذلك قال ليس لهذا الامر الا الدمستق يوقنا فقبل الأرض وقال السمع والطاعة لامرك فضم اليه الف فارس ومائتين من أصحابه من المدبجة والقياصرة قال الواقدي فسار بالألفين والمائتي فارس وقد رفع الصليب فوق رأسه وجنبت الجنائب وعليها الرخوة المذهبة وسار يجد السير إلى أن وسل إلى مرعش وأخذ زيتونة بنت هرقل وهي الصغرى وكان الملك قد ولاها على تلك البلاد وزوجها بنوسطير بن حارس وكانوا يسمونه سيف النصرانية لشجاعته وكان قد قتل على اليرموك من جراحات اصابته قال الواقدي فلما اخذ يوقنا ابنة الملك وعاد يطلب بها أنطاكية اخذ على الجادة العظمى لعله يلقي أحدا من جواسيس المسلمين أو يرى معاهدا فيرسله ليعلم أبا عبيدة انه قد تمكن من الملك ومن البلد فلما وصل مرج الديباج وكان ليلا وإذا بخيله التي على مقدمته قد أتته وهم مذعورون فقال لهم ما بالكم فقالوا له أيها السيد الدمستق ان هناك عسكرا نازلا فقربنا منهم فإذا هم عرب وهم نيام ولا شك انهم مسلمون فقال لهم خذوا أهبتكم وأيقظوا خواطركم وانصحوا لدينكم وجاهدوا عدوكم وقاتلوا عن ابنة الملك ولا تسلموها إلى أعدائها وكونوا خير جند قاتل عن نعمة صاحبه وإذا تمكن الحرب بيننا وبينهم فاعتمدوا على الأسر وإياكم والقتل واعلموا ان العرب وأميرهم لا بد لهم ان يقصدوا الملك ومن معه فان أسروا منا أحدا يكن عندنا الفداء فقد وجدت في كتاب حرفناس الحكيم ان من نظر في عواقب زمانه توشح بوشاح أمانه ومن أهمل أمره خاف حذره ومن أكثر الغدر حل به الامر سيروا على بركة الله قال الواقدي فشرعوا الأعنة وقوموا الأسنة وقصدوا ذلك العسكر فلما أحسوا بهم بادروا إليهم واستقبلوهم وهم ينادون بعيسى بن مريم والصليب المفخم من أنتم فقال لهم يوقنا ومن أنتم فقالوا نحن أصحاب جبلة بن الأيهم فلما سمع يوقنا ذلك ترجل عن دابته وسلم عليه وسلمت العرب المتنصرة على الروم فقال جبلة من أين جئتم فقال له مرعش ومعي ابنة الملك وأنتم من أين جئتم فقال جبلة من العمق وقد أتينا بميرة أهلها فلما رجعت ووصلت إلى مرج دابق لقيت كتيبة من فرسان المسلمين وهم زيادة عن مائتي وهم لابسون زينا فلما وصلنا إليهم ابتدرونا
(٢٨٢)