وعجائبه وعالجوا جراحته حتى برأت قال وأعطاه أبو عبيدة سهمين ثم إن أبا عبيدة طلب أمراء المسلمين وأكابرهم وشاورهم في أمره وقال إن الله وله الحمد قد فتح هذه القلعة على أيدي المسلمين وما بقي لنا موضع نخافه فهل نقصد أنطاكية وهي دار الملك وكرسي عزهم وفيها بقية ملوكهم مع هرقل فما ترون من الرأي قال فعندها قام البطريق يوقنا وتكلم بلسان عربي فصيح وقال أيها الأمير ان الله تبارك وتعالى قد ايدكم واظفركم بعوكم ونصركم وما ذاك الا أن دينكم هو الدين القويم والصراط المستقيم ونبيكم هو المشهور في الإنجيل وهو لا محالة الذي بشر به المسيح ولا شك فيه ولا مراء وهو الفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل وهو النبي الكريم اليتيم الذي يموت أبوه وأمه ويكفله جده وعمه فهل كان ذلك أم لا أيها الأمير فقال أبو عبيدة نعم هو نبينا صلى الله عليه وسلم واني يا يوقنا قد حرت في أمرك وأنت بالأمس تقاتلنا ومرادك ان تكسر عسكرنا وتقطع الطريق على علوفتنا واليوم تقول مثل هذا القول وقد بلغني انك لا تفهم بالعربية شيئا فمن اين لك حفظها فقال لا إله إلا الله ومحمد رسول الله وانك تعجب أيها الأمير من هذا الامر قال نعم قال له اعلم أيها الأمير أني كنت البارحة مفكرا في أمركم وقد وصلتم إلى قلعتنا ونصرتم علينا وانه لم يكن عندنا أمة أضعف منكم وتوسوست في ذلك فلما نمت رأيت شخصا ابهى من القمر وأطيب رائحة من المسك الأذفر ومعه جماعة فسألت عنه فقيل لي هذا محمد رسول الله فكأني أقول أن كان نبيا حقا فليسأل ربه أن يعلمني العربية وكان يشير إلي وهو يقول يا يوقنا أنا محمد الذي بشر بي المسيح وانا لا نبي بعدي وان أردت فقل لا إله إلا الله وأبي محمد رسول الله فأخذت يده فقبلتها وأسلمت على يديه واستيقظت وفمي من تلك الليلة كالمسك الأذفر وأنا أتكلم بالعربية ثم أني قمت إلى منزل أخي يوحنا وفتحت خزانة كتب فوجدت في بعض الكتب صفة محمد صلى الله عليه وسلم وما يكون من أمره ووجدت كل الصفات صحيحة وان أبغض الخلق اليه اليهود أكان ذلك أيها الأمير أم لا فقال أبو عبيدة نعم كانت اليهود تطلبنا أشد الطلب حتى نصرنا الله عليهم وأخذنا حصونهم وقتلنا أبطالهم قال يوقنا وجدت هذا في سيرته وجملة أخباره وأن الله تعالى كان يوصيه بأصحابه وبالمسلمين وبالايتام والمساكين أكان ذلك أم لا قال أبو عبيدة نعم أما وصيته من الله على أصحابه فقد قال الله تعالى واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين وقال في حق اليتيم والمسكين فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر فقال يوقنا كيف قال ووجدك ضالا فهدى فما معنى وصفه بالضلال وهو عند الله كريم فقال له معاذ بن جبل رضي الله عنه وجدناك ضالا في تيه صحبتنا فهديناك إلى مشاهدتنا وأيضا سهل لك الوصول إلى سبل المكاشفة ووفقك للوقوف في مقام المشاهدة ووجدك ضالا في بحار الطلب على مركب العطب فهداك إلى سواحل الحق وقربك إلى ظل حقائق الصدق لتكون بقلبك مائلا عن الاغيار أو تهيم في قيعان
(٢٧٢)