وأعطاه قائد جيوشه روبيس وقال له قد وليتك على الجيوش فسيروا لمنع العرب من فلسطين فإنها بلد خصب كثيرة الخير وهي عزنا وجاهنا وتاجنا فتسلم روبيس الصليب وسار من يومه إلى أجنادين واتبعه جيش الروم عمرو بن العاص في فلسطين قال الواقدي لقد بلغني ان عمرو بن العاص توجه إلى إيليا حتى وصل إلى ارض فلسطين هو ومن معه قال فلما نزل المسلمون بفلسطين جمع عمرو المسلمين المهاجرين والأنصار وشاورهم في امرهم فبينما هم في المشورة إذ أقبل عليهم عدي بن عامر وكان من خيار المسلمين وكان كثيرا ما يتوجه إلى بلاد الشام وداس ارضهم وعرف مساكنها ومسالكها فلما اشرف على المؤمنين داروا به وأوقفوه بين يدي عمرو بن العاص فقال عمرو بن العاص ما الذي وراءك يا ابن عامر قال ورائي المتنصرة وجنودهم مثل النمل فقال له عمرو يا هذا لقد ملأت قلوب المسلمين رعبا وانا نستعين بالله عليهم فقال له فكم حزرت القوم فقال أيها الأمير اني قد علوت على شرف من الجبال عال فرأيت من الصلبان والرماح والاعلام ما قد ملأ الاجم وهو أعظم جبل بأرض فلسطين وهم زيادة عن مائة الف فارس وهذا ما عندي من الخبر قال فلما سمع عمرو ذلك قال لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ثم أقبل على من حضر من كبار المسلمين وقال أيها الناس انا وإياكم في هذا الامر بالسواء فاستعينوا بالله على الأعداء وقاتلوا عن دينكم وشرعكم فمن قتل كان شهيدا ومن عاش كان سعيدا فماذا أنتم قائلون قال فتكلم كل رجل بما حضر عنده من الرأي فقالت طائفة منهم أيها الأمير ارجع بنا إلى البرية حتى نكون في بطن البيداء فإنهم لا يقدرون على فراق القرى والحصون فإذا جاءهم الخبر اننا توسطنا البرية يتفرق جمعهم وبعد ذلك نعطف عليهم وهم على غفلة فنهزمهم إن شاء الله تعالى فقال سهل بن عمرو ان هذه مشورة رجل عاجز فقال رجل من المهاجرين لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نهزم الجمع الكثير بالجمع القليل وقد وعدكم الله النصر وما وعد الصابرين الا خيرا وقد قال الله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة) * قال سهل ابن عمرو أما أنا فلا رجعت عن قتال الكفرة ولا رددت سيفي عنهم فمن شاء فلينهض ومن شاء فليرجع ومن نكص على عقبيه فأنا وراءه بالمرصاد قال فلما سمع المسلمون انه وافقه على ذلك عبد الله
(١٨)