بالنصر وأقام بحمص يوما وليلة ثم ارتحل إلى مدينة بعلبك فخرج اليه النساء لاطمات الخدود وقلن أيها السيد ان العرب فتحوا اركة وحوران وبصرى فقال لهن كيف قدرت العرب على حوران وبصرى فقلن أيها السيد ان الذين ذكرتهم لم يبرحوا من أماكنهم وان هذا الرجل قد أقبل من العراق وهو الذي فتح أركة فقال وما اسمه قلن خالد بن الوليد قال في كم يكون من العساكر قلن في الف وخمسمائة فارس فقال وحق المسيح لاجعلن رأسه على رأس سناني ثم رحل فلم ينزل الا بدمشق وكان واليها بطريقا من قبل الملك هرقل اسمه عزازير فلما قدم كلوس اجتمع عليه عزازير وأصحابه وقرأوا عليهم منشور الملك ثم قال لهم أتريدون أن أقاتل عدوكم وأصده عن بلادكم قالوا نعم فقال اخرجوا عزازير عنكم حتى أكون وحدي في هذا الامر فقالوا أيها السيد وكيف ينبغي أن يخرج صاحبنا من بلدنا وهذا العدو قاصد الينا قال فغضب عزازير في وجه كلوس من كلامه وقد اتفق رأيهم على أن كل واحد يقاتل العرب يوما فثبتت عداوة عزازير في قلب كلوس قال الواقدي ولقد بلغني انهم كانوا يخرجون كل يوم من باب الجابية مقدار فرسخ ينظرون قدوم أبي عبيدة بن الجراح فلم يشعروا حتى قدم إليهم خالد بن الوليد من نحو الثنية قال حدثنا يسار بن محمد قال أخبرنا رفاعة بن مسلم قال كنت في جيش خالد بن الوليد لما نزل على الدير المعروف به وإذا بجيش الروم قد زحف علينا وهو كالجراد المنتشر فلما نظر خالد ذلك تدرع بدرع مسلمة ثم صرخ في وجه المسلمين وقال هذا يوم ما بعده يوم وهذا العدو قد زحف بخيله فدونكم والجهاد فانصروا الله ينصركم وكونوا ممن باع نفسه لله عز وجل وكأنكم باخوانكم المسلمين قدموا عليكم مع أبي عبيدة بن الجراح ثم بعد ذلك استقبل الجيش وصرخ بملء رأسه فأرعب المشركين من صرخته وحمل شرحبيل بن حسنة وعبد الرحمن بن أبي بكر وضرار بن الأزور ومذ حمل ضرار لم يول عنهم بل قتل من الميمنة خمسة فرسان ومن الميسرة كذلك ثم حمل ثاني مرة فقتل منهم ستة فرسان ولولا سهام القوم لما رد عن قتالهم فشكره خالد بن الوليد وقال لعبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه احمل بارك الله فيك قال فحمل عبد الرحمن وفعل كما فعل ضرار بن الأزور وقاتل قتالا شديدا ثم حمل من بعده خالد بن الوليد ورفع رمحه ورأى العسكر من أمور الحرب حتى جزع الروم من شجاعته
(٣٤)