فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ١١
فقال يزيد يا ربيعة أنا أخاف عليك من القوم لأنك قد قتلت كبيرهم بالأمس فقال ربيعة قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون واني أوصيك والمسلمين أن تكون همتكم عندي فإذا رأيتم القوم غدروا بي فاحملوا عليهم ثم ركب جواده وسار حتى اتى جيش الروم وقرب من سرداق أميرهم فقال القداح عظم جيش الملك وانزل عن جوادك فقال ربيعة رضي الله عنه ما كنت بالذي انتقل من العز إلى الذل ولست أسلم جوادي لغيري وما أنا بنازل الا على باب السرداق والا رجعت من حيث جئت لأننا ما بعثنا إليكم بل أنتم بعثتم الينا قال فأعلم القداح الروم بما تكلم به ربيعة بن عامر فقال بعضهم لبعض صدق العربي في قوله دعوه ينزل حيث أراد قال فنزل ربيعة على باب السرداق وجثا على ركبته وأمسك عنان جواده بيده وسلاحه فقال له جرجيس يا أخا العرب لم تكن أمة أضعف منكم عندنا وما كنا نحدث أنفسنا انكم تغزوننا وما الذي تريدون منا فقال ربيعة نريد منكم أن تدخلوا في ديننا وأن تقولوا بقولنا وان أبيتم تعطونا الجزية عن يد وأنتم صاغرون والا فالسيف بيننا وبينكم فقال جرجيس فما منعكم أن تقصدوا الفرس وتدعون الصداقة بيننا وبينكم فقال ربيعة بدأنا بكم لأنكم أقرب الينا من الفرس وان الله تعالى أمرنا في كتابه بذلك قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة قال جرجيس فهل لك أن تعقد الصلح بيننا وبينكم وأن نعطي كل رجل منكم دينارا من ذهب وعشرة أوسق من الطعام وتكتبوا بيننا وبينكم كتاب الصلح لا تغزون الينا ولا نغزوا إليكم قال ربيعة لا سبيل إلى ذلك وما بيننا وبينكم الا السيف أو أداء الجزية أو الاسلام قال جرجيس أما ما ذكرت من دخولنا في دينكم فلا سبيل إلى ذلك ولو نهلك عن آخرنا لأننا لا نرى لديننا بدلا واما اعطاء الجزية فان القتل عندنا أيسر من ذلك وما أنتم بأشهى منا إلى القتال والحرب والنزال لان فينا البطارقة وأولاد الملوك ورجال الحرب وأرباب الطعن والضرب قال جرجيس لأصحابه علي بأنفس صقالبة حتى يناظروا هذا البدوي في كلامه قال وكان الملك هرقل قد بعث معهم قسيسا عظيما عارفا بدينهم مجادلا عن شرعهم قال فأتى الحاجب به فلما استقر به الجلوس قال له جرجيس يا أبانا استخبر من هذا الرجل عن
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»