ذلك ثم بعث إلى الأمير أبي عبيدة يقول له مهما كان لك من حاجة فنحن نقضيها ونريد منكم المراعاة لأهل سوادنا حتى نرى ما يكون من امركم مع الملك هرقل فقال الأمير أبو عبيدة ونحن نفعل إن شاء الله تعالى قال الواقدي عن ثابت بن قيس بن علقمة قال كنت ممن حضر عند أبي عبيدة رضي الله عنه فعند ذلك دعا أهل الرأي والمشورة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهم ان هذا حصن شديد منيع ليس لنا إلى فتحه سبيل الا بالحيلة والخديعة وأريد ان أجعل منكم عشرين رجلا في عشرين صندوقا وتكون الاقفال عندهم من باطنها فإذا صاروا في المدينة فثوروا على اسم الله تعالى فإنكم تنصرون على من فيها من المشركين فقال خالد بن الوليد فإذا عزمت على ذلك فلتكن الاقفال ظاهرة ويكون أسفل الصناديق أنثى في ذكر من غير شيء يمسكها فإذا حل أصحابنا في حصن من هؤلاء القوم يخرجون جملة واحدة ويكبرون فان النصر مقرون بالتكبير فأجابه أبو عبيدة إلى ذلك وأخذ صناديق الطعام المنتخبة عند الروم ففض أسافلها وجعلها ذكرا في أنثى فأول من دخل في الصناديق ضرار بن الأزور والمسيب أبن نجيبة وذو الكلاع الحميري وعمرو بن معد يكرب الزبيدي والمرقال وهاشم بن نجعة وقيس بن هبيرة وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ومالك بن الأشتر وعوف بن سالم وصابر بن كلكل ومازن بن عامر والاصيد بن سلمة وربيعة بن عامر وعكرمة بن أبي جهل وعتبة بن العاص ودارم بن فياض العبسي وسلمة بن حبيب والفازع بن حرملة ونوفل بن جرعل وجندب بن سيف وعبد الله بن جعفر الطيار وجعله أميرا عليهم وسلموا الصناديق إلى الروم فلما حطت الصناديق في الرستن ألقاها نقيطاس في قصر امارته وارتحل الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه وسار حتى نزل في قرية يقال لها السودية فلما أظلم الليل بعث خالد بن الوليد رضي الله عنه بجيش الزحف إلى الرستن ينظر ما يكون من أصحابه وما فعلت الصحابة رضي الله عنه فسار خالد بن الوليد برجاله حتى وصل القنطرة وإذا بالصياح قد علا والتهليل والتكبير من داخل مدينة الرستن قال الواقدي كان من أمر الصحابة انه لما تركهم نقيطاس في دار امارته ركب إلى البيعة مع بطارقته وأهل مدينته ليصلوا صلاة الشكر لأجل رحيل المسلمين عنهم وارتفعت أصواتهم بقراءة الإنجيل وسمع أصواتهم أصحاب رسول الله صلى الله عليهم وسلم فخرجوا من الصناديق وشدوا على أنفسهم وشهروا سلاحهم وقبضوا على امرأة نقيطاس وحريمه وقالوا نريد مفاتيح الأبواب فسلمتها إليهم فلما حصلت المفاتيح في أيديهم رفعوا أصواتهم بالتهليل والتكبير والصلاة والسلام على البشير النذير وكبس القوم على أبواب مدينتهم فلم يجسروا عليهم لأنهم بدون عدة وسلاح وبعث عبد الله بن جعفر الطيار ربيعة بن عامر والاصيد بن سلمة وعكرمة ابن أبي جهل وعتبة بن العاص والفارع بن حرملة وسلم إليهم المفاتيح وقال افتحوا الأبواب وارفعوا أصواتكم بالتهليل
(١٥١)