فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ١٥٤
بهذه الأحمال قال فرطن القسيس بالرومية فلم يدر خالد ما يقول هذا القسيس الميشوم فبدا اليه رجل من أهل شيزر وقال يا أيها الأمير انه يذكر أنه من القسوس المعظمة عند الملك هرقل وقد بعثه وبعث معه إلى هربيس هذه الأحمال فيها ديباج احمر منسوج بقضبان الذهب وعشرة احمال مملوءة دنانير وباقي الأحمال مملوءة من الثياب والدنانير فأخذوها واخرجوا منها مالا عظيما وغنم المسلمون غنيمة غظيمة لم يغنموا مثلها وساق خالد بن الوليد الأحمال إلى الأمير أبي عبيدة رضي الله عنه فوجده على النهر المقلوب مما يلي شيزر وتحته عباءة قطوانية وعلى رأسه مثلها تظله من حر الشمس فأقبل خالد بن الوليد رضي الله عنه بالقسيس فأوقفه بين يديه فقال أبو عبيدة ما هذا يا أبا سليمان فقال خالد انهم قوم من أنطاكية ومعهم هدية لهربيس صاحب حمص من ملك الروم هرقل قال الواقدي وعرض عليه الغنيمة ففرح الأمير أبو عبيدة بها فرحا شديدا وقال يا أبا سليمان لقد كان فتح شيزر علينا مباركا ثم دعا بترجمان كان معه لا يفارقه وقال اسال هؤلاء عن ملك الروم الطاغية هرقل هل هو في جمع كثير أم لا فكلم الترجمان القسيس ساعة فقال القسيس قل للأمير ان الملك هرقل قد بلغه انكم فتحتم دمشق وبعلبك وجوسية وأنكم لم تنزلوا على حمص فبعث معي هذه الهدية إلى هربيس البطريق وكتب اليه يأمره بقتالكم ويعده بالنجدة وقدوم العساكر اليه لان الملك هرقل قد استنجد عليكم كل من يعبد الصليب ويقرأ الإنجيل فأجابته الرومية والصقالبة والإفرنج والأرمن والدقس والمغليط والكرج واليونان والعلف والغزنة وأهل رومية وكل من يحمل صليبا والعساكر قد وصلت إلى الملك هرقل من كل جانب ومكان قال فحدث الترجمان الأمير أبا عبيدة رضي الله عنه بكل ما أعلمه القسيس به فعظم ذلك على الأمير أبي عبيدة وعرض على القسيس الاسلام فقال القسيس للترجمان قل للأمير أبي عبيدة أني البارحة رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وقد أسلمت على يديه ففرح الأمير أبو عبيدة بذلك وعرض على الاعلاج الاسلام فأبوا ذلك فضربت رقابهم ورحل أبو عبيدة رضي الله عنه متوجها إلى حمص وقد سير الخيل جريدة في مقدمته فما يشعر أهل حمص الا والخيل قد أغارت عليهم فرجع القوم إلى المدينة وقد غلقوا الأبواب وقالوا غدرت العرب وحق المسيح قال ونزل المسلمون حول حمص وداروا بها من كل جانب ومكان وقد نفذ الزاد من المدينة وأكثر أهلها قد خرجوا إلى تجارتهم وفي طلب الميرة وقد تفرقوا في البلاد فلما نزل الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه على حمص دعا بالعبيد والموالي وأمرهم ان يتفرقوا على الطرقات والمحارس وقال لهم كل من وجدتموه قد رجع إلى حمص بزاد أو تجارة فاتوني به ففعل العبيد ذلك وصعب على هربيس صاحب حمص وكتب إلى الأمير أبي عبيدة كتابا يقول فيه أما بعد يا معاشر العرب فانا لم نخبر عنكم بالغدر ولا بنقض العهد ألستم صالحتمونا
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»