فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ١٤٨
بن الوليد كل عبد كان في عسكر المسلمين وأمرهم ان يتقلدوا بالسيوف ويتنكبوا بالحدف ويزحفوا إلى سور حمص ويضربوا السور بأسيافهم ويتلقوا السهام بحجفهم فقال الأمير أبو عبيدة وما عسى أن يغني عنا هذا يا أبا سليمان فقال خالد رضي الله عنه على رسلك أيها الأمير ولا تخالفني فيما صنعت فاني عزمت ان أقاتلهم بالعبيد ونعلمهم ان ليس لهم عندنا من القدر شيء فما نقاتلهم بأنفسنا الا ان يخرجوا الينا فقال أبو عبيدة رضي الله عنه افعل ما شئت فالله تعالى يوفقك فعند ذلك امرهم خالد بن الوليد رضي الله عنه بالزحف على الاسوار وكانوا أربعة آلاف عبد وأمر خالد ألفا من العرب أن تترجل معهم ففعلوا ذلك وزحفوا على السور وقد استتروا بالحجف والعرب من ورائهم فرموا بالنبل وضربوا بسيوفهم فمنها ما تثلم ومنها ما انكسر قال الواقدي وأشرف عليهم هربيس صاحب حمص وقد دارت بطارقته وأصحاب الرتب فجعلوا يتأملون إلى أفعالهم فقال هربيس يا معاشر البطارقة وحق المسيح ما ظننت ان العرب بهذه الصفة وإذا هم كلهم سودان فقال له بعض من لحقه بأجنادين وسائر المواطن لا أيها السيد بل هؤلاء عبيدهم وهذه من بعض مكايد العرب في الحرب وقد قدم هؤلاء السودان والعبيد إلى حربنا وقتالهم معنا وان ليس لنا عندهم من القدر ان يلقونا بأنفسهم أو نخرج إليهم فقال هربيس وحق المسيح أن هؤلاء أشد من العرب بأسا وأقوى مراسا واعلموا انه ما لزق قوم بسور مدينتنا ولا دنوا منها الا وقد هان عليهم أمرها واقترب على أيديهم فتحها قال الواقدي ولقد بلغني ان العبيد قاتلوا يومهم قتالا شديدا وهجموا على الأبواب مرارا ولم يزالوا بقية يومهم حتى اقبل الليل ورجعت الموالي إلى عسكر المسلمين وبعث هربيس من ليلته رسولا إلى الأمير أبي عبيدة رضي الله عنه فأقبل الرسول والظلام معتكر فأحس جيوش المسلمين به فهموا به فقال أنا رسول من البطريق هربيس صاحب حمص وأريد الجواب عن هذا الكتاب فسلم إليهم كتاب هربيس فأخذه أبو عبيدة رضي الله عنه وقرأه فإذا فيه يا معاشر العرب أنا ظننا أن عندكم عقلا تدبرون به الحرب وتستعينون به على الأمور وإذا أنتم بخلاف ذلك لأنكم في أول حربكم لنا تفرقتم على الأبواب فقلنا هذا أشد ما يكون من الحصار وأعظم ما يقدرون عليه من الاضرار فلما كان الغد تأخرتم عن حربنا وبعثتم هؤلاء المساكين إلى حربنا يقطعون أسيافهم ويكسرون سلاحهم فيا ليت شعري هل تصبر سوفهم على فساد سورنا وقد بان لنا عجز رأيكم وتدبيركم في القتال وملاقاة الرجال والآن فأنا أشير عليكم بأمر فيه الصلاح لنا ولكم وهو أن تسيروا إلى الملك هرقل وتفتحوا ما بين أيديكم كما فتحتم ما وراءكم وإياكم واللجاج والبغي فإنهما قاتلان لمن اتبعهما وراجعان على من بدأ بهما أو نحن نخرج إليكم صبيحة هذه الليلة والله ينصر من يشاء منا ومنكم ممن على الحق
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»