الشام وسكن بعدنا فيها العرب وقد اجتمع لنا مثل هذا الجيش الذي ما اجتمع لملك من ملوك الدنيا ونحن نلقى العرب ونصبر على قتالهم ولعل المسيح أن ينصرنا عليهم فاعزم وقدم من شئت واتركنا ننهض إلى قتال العرب قال ففرح الملك هرقل بقولهم ونشاطهم وعول على أن يبعث الجيش مع خمسة ملوك من الروم فأول ما عقد لواء من الديباج المنسوج بالذهب الأحمر وعلى رأسه صليب من الجوهر وسلمه إلى قناطير ملك الروسية وضم اليه مائة ألف فارس من الصقالبة وغيرهم وخلع عليه وتوجه ومنطقه وسوره ثم عقد لواء آخر من الديباج الأبيض فيه شمس من الذهب الأحمر وعلى رأسه صليب من الزبرجد الأخضر وسلمه إلى جرجير وهو ملك عمورية وملورية وخلع عليه وسوره ومنطقه وضم اليه مائة ألف فارس من الروم والفردانة ومن سائر الأجناس الرومية ثم عقد لواء ثالثا من الدستري الملون عليه صليب من الذهب الأحمر وسلمه إلى الديرجان صاحب القسطنطينية وضم اليه مائة ألف فارس من المغليط والإفرنج والقلن وخلع عليه ومنطقه وسوره ثم عقد لواء رابعا مرصعا بالدر والجوهر عليه قبضة من الذهب وعليه صليب من الياقوت الأحمر وسلمه إلى ماهان ملك الأرمن وكان يحبه محبة عظيمة لأنه كان من أهل الشجاعة والتدبير وقد قاتل عساكر الفرس والترك وهزمهم مرارا فلما عقد له لواء خلع عليه الثياب التي كانت عليه وتوجه وسوره ومنطقه وقلده بالقلائد التي لا يتقلد بها الا الملوك الأكابر وقال له يا ماهان قد وليتك على هذا الجيش كله ولا أمر على أمرك ولا حكم على حكمك ثم قال لقناطير وجرجير والديرجان وقورين وهم ملوك الجيش اعلموا أن صلبانكم تحت صليب ماهان وأمركم اليه فلا تصنعوا أمرا الا بمشورته ورأيه واطلبوا العرب حيث كانوا ولا تفشلوا وقاتلوا عن دينكم القديم وشرعكم المستقيم وافترقوا على أربع طرق فإنكم ان أخذتم على طريق واحدة لم تسعكم وتهلكوا الأرض ومن عليها ثم خلع على جبلة بن الأيهم الغساني وضم اليه العرب المتنصرة من غسان ولخم وجذام وقال لهم كونوا في المقدمة فان هلاك كل شيء بجنسه والحديد لا يقطعه الا الحديد ثم أمر القسوس أن يغمسوهم في ماء المعمودية ويقرءوا عليهم ويصلوا عليهم صلاة الموتى قال حدثنا نوفل بن عدي عن سراقة عن خالد قال أخبرنا قاسم مولى هشام بن عمرو ابن عتبة وكان ممن حضر فتوح الشام كله قال فكانت جملة من بعث الملك هرقل إلى اليرموك من العساكر ستمائة الف فارس من سائر طوائف أهل الكفر ممن يعتقد الصليب قال وحدثنا جرير بن عبد الله عن يونس بن عبد الأعلى أن جملة من بعث الملك هرقل سوى جيش أنطاكية إلى اليرموك سبعمائة ألف فارس قال راشد بن
(١٦٢)