فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ١٤٦
قال الواقدي فأبى القوم وضجوا عليه واشهروا عددهم ووقفوا في الطريق بغلمانه فقطعوهم اربا اربا وارتفع ضجيجهم فجزع المسلمون لذلك وهم لا يعلمون بالقصة فاجتمعوا إلى أميرهم رافع بن عبد الله السهمي وقالوا أيها الأمير اما تسمع أصوات هؤلاء القوم في مدينتهم فقال يا قوم قد سمعت كما سمعتم فما عسى ان أصنع بهم ولا يحل لنا الدخول إليهم وبهذا جرى الشرط بيننا وبينهم ونحن أحق بمن أوفى بعهد الله تعالى فان هم خرجوا الينا وأعلمونا بأمرهم صالحنا بينهم ونظرنا في أمورهم قال الواقدي فما استتم الأمير رافع بن عبد الله كلامه حتى خرج أهل بعلبك يهرعون اليه فلما وقفوا بين يديه قالوا انا بالله وبك أيها الأمير ثم اعلموه بقصتهم وما فعل البطريق بهم أول مرة وما فعل بهم ثاني مرة قال رافع بن عبد الله انا لا نمكنه من ذلك فقالوا أيها الأمير انا قد قتلناه وجميع غلمانه فصعب ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم رافع فما الذين تريدون فقالوا نريد أن تدخلوا إلى المدينة فإنا قدأطلقنا لكم الدخول إليها فقال رافع بن عبد الله أنا لا أقدر ان ادخل المدينة الا باذن الأمير أبي عبيدة لأنه ما أذن لي بذلك ثم كتب رافع بن عبد الله إلى الأمير أبي عبيدة يعلمه بالقصة وبحديث البطريق وبحديثهم الذي قالوه فكتب له بالدخول إلى المدينة كما قد أذنوا له فدخل رافع وأصحابه قال الواقدي حدثنا موسى بن عامر قال حدثنا يونس بن عبد الله قال حدثنا سالم بن عدي عن جده عبد الرحمن بن مسلم الربيعي وكان ممن حضر فتوح الشام أوله وآخره قال لما فتح الله بعلبك على يد المسلمين وترك أبو عبيدة رافع بن عبد الله وتوجه إلى حمص للحوق بخالد بن الوليد فلما قرب من حمص موضع يقال له الزراعة وجه على مقدمة جيشه ميسرة بن مسروق العبسي وعقد له راية سوداء معلمة بالبياض وضم اليه خمسة آلاف فارس من المسلمين فلما سار ميسرة حتى وصل إلى حمص خرج خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى لقائه وسلم عليه وعلى من معه من المسلمين ثم بعث أبو عبيدة بعده ضرار بن الأزور في خمسة آلاف فارس وبعث بعده عمرو بن معد يكرب الزبيدي وقدم أبو عبيدة رضي الله عنه ببقية الجيش فلما اشرف أبو عبيدة على حمص قال اللهم عجل علينا فتحها واخذل من فيها من المشركين واستقبلهم المسلمون فلما استقر به القرار كتب إلى أهل حمص وبطريقها الجديد وهو هربيس كتابا يقول فيه بسم الله الرحمن الرحيم من أبي عبيدة عامل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الشام وقائد جيوشه أما بعد فان الله تعالى قد فتح علينا بلادكم ولا يغرنكم عظم مدينتكم وتشييد بنيانكم وكثرة رجالكم فما مدينتكم عندنا إذا أتاكم الحرب الا كالبرمة قد نصبناها في وسط عسكرنا وألقينا اللحم فيها وجميع العساكر يتوقع الاكل منها
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»