فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ١٤٠
وانظر ماذا يريد وما يقول قال فدنا الترجمان منه فقال له ما الذي تريد قال أريد أن يؤمنني أميركم هذا في ذمامه وذمام أصحابه ويدنو مني حتى أخاطبه بما يعود صلاحه على الفريقين فقال الترجمان ذلك لسعيد بن زيد فقال سعيد بن زيد لا كرامة له حتى أدنو منه وأمشي اليه حتى يخاطبني فإن كان له حاجة فليأت إلي خاضعا ذليلا صاغرا حتى أسمع كلامه وأعلم مراده قال فأعلم الترجمان هربيس بكلام سعيد بن زيد فقال هربيس فكيف انزل اليه وانا محارب له فأنا أخاف ان يقتلني فقال له الترجمان انا آخذ لك منه الذمام فان العرب لا تخون إذا أمنت فقال البطريق نعم قد تناهت الينا أخبارهم ولكني أريد ان استوثق لنفسي ولأصحابي وأهل بلدي لأنهم قوم قد لحقهم الحقد علينا وقد أصبنا منهم دما كثيرا واني أريد ان ارسل له شخصا يأخذ لي منه أمانا فقال الترجمان انا أعرفه ذلك ثم اقبل الترجمان على سعيد بن زيد وقال له ان البطريق هربيس يريد ان يوجه إليك رجلا من أصحابه يأخذ له منك أمانا فقال سعيد بن زيد دعه يوجه من يريد وأعلمه أن رسوله منا في أمان حتى يرجع اليه قال فأعلمه الترجمان بذلك فأقبل البطريق على رجل من عظماء أصحابه وقال له ترى ما قد نزل بنا وكيف قد ملك العرب علينا الطريق وان بلاد الشام قد أذن المسيح بخرابها وقد نصرت العرب علينا وانا في شدة شديدة وان لم نأخذ من القوم الأمان والا هلكنا وهلكت خيلنا وبعد ذلك يتحكمون في أولادنا وحريمنا ويقتسمون أموالنا وذرارينا وليس لنا نجدة لان كل بلدة مشتغل بنفسه عن نصرتنا فأنزل إلى هؤلاء العرب وخذ لنا منهم أمانا واستوثق لنا منهم حتى أنزل أنا إليهم فلعلنا نجري بينهم صلحا ولعلي أمكر بهم حتى نرجع إلى المدينة ولعلي ارغب صاحبهم في شيء من المال فلعله يرغب وينصرف عنا إلى أن نرى ما يكون بينهم وبين الملك هرقل قال الواقدي فنزل الرجل ووقف امام الأمير سعيد بن زيد وهم الرجل ان يسجد له فمنعه من ذلك وتبادرت اليه المسلمون فأمسكوه ففزع الرجل وقال لم تمنعوني ان أعظم صاحبكم فقال الترجمان ذلك لسعيد بن زيد فقال انما انا وهو عبدان لله تعالى ولا يجوز السجود والتعظيم الا لله الملك المعبود القديم فقال الرجل بهذا نصرتم علينا وعلى غيرنا من الأمم فقال سعيد بن زيد فما الذي جاء بك قال جئت لآخذ منك أمانا لبطريقنا أن لا تنقض لنا عهدا فقال سعيد بن زيد ليس من اخلاق الامراء ومن يقود الجيوش ان يغدر بعد الأمان ولسنا بحمدالله ممن ينقض عهدا وقد أعطيت صاحبك أمانا ولمن معه ممن القى السلاح وخرج يطلب الأمان مستسلما فقال الرجل نريد منك الأمان ومن أميرك وممن معك فقال سعيد لكم ذلك فعند ذلك رجع الرجل إلى البطريق وأعلمه بجواب سعيد وقال له اخرج وإياكم والغدر فإنه يهلك صاحبه وان هؤلاء العرب لا يخونون أمانهم وعهدهم
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»