على الميرة فمرناكم فطلبتم منا البيع فابتعناكم فلم نقضتم ما عاهدناكم عليه فكتب الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه يقول أريد أن ترسل إلى القسوس والرهبان الذين أرسلتهم إلي حتى أوقفهم على ما عاهدتهم عليه ليعلموك أننا لم نغدر ولا مثلنا من يفعل ذلك إن شاء الله تعلى فلما قرأ هربيس الكتاب أحضر القسوس والرهبان وبعث بهم إلى الأمير أبي عبيدة فخرجوا اليه وفتح لهم باب حمص وساروا إلى أن وصلوا للأمير أبي عبيدة فسلموا عليه وجلسوا بين يديه فقال لهم أبو عبيدة رضي الله عنه ألم تعلموا أني عاهدتكم وحلفت لكم أني منصرف عنكم حتى افتح مدينة من مدائن الشام سهلا كان أو جبلا ثم يكون الرأي لي ان شئت رجعت إليكم أو سرت إلى غيركم فقالوا بلى وحق المسيح فقال لهم ان الله تعالى قد فتح علينا شيزر والرستن في أهون وقت وقد غنمنا الله مال بطريقهم نكس وغيره مما لم نؤمله في هذه المدة اليسيرة والآن فلا عهد لكم عندنا ولا صلح الا ان تصالحونا على فتح المدينة وتكونوا في ذمتنا وأمانتنا فقال القسوس والرهبان لقد صدقت أيها الأمير ليس عليكم لوم وقد وفيتم بذمتكم وقد بلغنا فتحكم شيزر والرستن والخطا كان منا إذ نستوثق لأنفسنا والآن الامر بيد بطريقنا ونحن نرجع اليه ونعلمه بذلك ثم رجعوا إلى مدينتهم ودعا الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه بالرجال والابطال وأهل الحرب وقال خذوا أهبتكم فان القوم بلا زاد ولا مدد يأتي إليهم من عند طاغيتهم ولا نجدة فاستعينوا بالله وتوكلوا على الله فلبس المسلمون السلاح والعدد ورجعوا إلى الأبواب والأسوار واجتمع أهل احمص ببطريقهم هربيس وقالوا ما عندك من الرأي في أمر هؤلاء العرب فقال الامر عندي أن نقاتلهم ولا نريهم منا ضعفا قالوا فان الزاد قد نفد من مدينتنا وقد أخذه القوم منا وما سمعنا بمثل هذه الحيلة فقال هربيس ما لكم تعجزون عن حرب عدوكم وما قتل منكم قتيل ولا جرح منكم جريح ولم تصبكم شدة ولا جوع وانما أصابوا منكم على غرة ولو دخلوا المدينة لما قدروا عليكم وأقل الرجال على السور يكفيكم إياهم وعندي من الزاد في قصري ما يعم كثيركم المدة الطويلة وما احسب ان الملك هرقل يغفل وسيبلغه خبركم ويوجه العساكر قال الواقدي وكان عند البطريق هربيس في قصره جب عظيم مملوء طعاما ففتحه وفرق الطعام على أهل حمص فسكنت بذلك نفوسهم وجعل البطريق يفرق على كبيرهم وصغيرهم بقية يولمهم ذلك وقد انحصر أهل حمص جميعهم فنفذ ذلك اليوم نصف ما في الجب وقال لهم اقنعوا بما أعطيتكم ثلاثة أيام وابرزوا إلى حرب عدوكم ثم أخذوا أهبة الحرب وعرض عسكره وانتخب منهم خمسة آلاف فارس من أولاد الزراوزة والعمالقة لا يساويهم غيرهم فيهم الف مدبجة ملكية وفتح خزانة جده جرجيس وفرق عليهم الدروع والجواشن والبيض والمغافر والقسي والنشاب والحراب واقبل يحرضهم على القتال ويوعدهم بالمدد والنجدة من الملك هرقل
(١٥٥)