فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ١٥٣
عليه فلما فهم ما فيه قال ما تقولون يا أهل شيزر فيما ذكرت العرب فقالوا صدقت العرب أيها البطريق الكبير فان حصننا ليس بأمنع من الرستن ولا بعلبك ولا دمشق ولا بصرى وأنت اعلم شدة أهل حمص وحدة شجاعتهم وقد صالحوا العرب وكذلك أهل فلسطين ومدنها والأردن وحصنها فكيف تمنع عنهم شيزر وهي حصن لطيف فان عصيت هؤلاء العرب فإنك معول على هلاكنا وخراب مدينتنا قال الواقدي وكثر فيهم الخطاب وعلا الكلام واقبل البطريق نكس بسبب أهل شيزر وامر غلمانه بضربهم فلما نظر أهل شيزر ذلك غضبوا وأظهروا سلاحهم عليه وعلى غلمانه ووقع القتال بين الفريقين فعرف المسلمون ذلك وقالوا اللهم أهلكهم ببأسهم ولم يزل أهل شيزر في القتال حتى نصروا على البطريق وعلى غلمانه وقتلوهم عن آخرهم ثم اخرجوا إلى الأمير أبي عبيدة رضي الله عنه رجالا إلى لقائه بغير سلاح فلما وقفوا بين يدي الأمير أبي عبيدة سلموا عليه وقالوا أيها الأمير انا قتلنا بطريقنا في محبتكم قال يا أهل شيزر بيض الله وجوهكم وادر رزقكم فقد كفيتمونا الحرب والقتال ثم قال للمسلمين الا ترون إلى حسن طاعة هؤلاء الروم وفعالهم ببطريقهم في محبتكم والدخول في طاعتكم وقد رأيت من الرأي أن أحسن إلى القوم وانعم عليهم فقال المسلمون نعم ما رأيت حتى يصل ما تصنع إلى غيرهم ويفتح الله علينا البلاد إن شاء الله تعالى قال الواقدي فأقبل على أهل شيزر وقال أبشروا فاني لست اكره أحدا منكم فمن أحب منكم الدخول في ديننا فله ما لنا وعليه ما علينا والخراج موضوع عنكم سنتين ومن أقام على دينه فعليه الجزية وقد وضعنا عنه الخراج سنة كاملة ففرح الروم بذلك وقالوا أيها الأمير سمعنا وأطعنا وهذا قصر بطريقنا فأنت أحق بما فيه وهو هدية منا إليك فدونك وإياه وما فيه من الرجال والآنية والأموال فأخرج أبو عبيدة رضي الله عنه منها الخمس وقسم الباقي على المسلمين بالسوية ونادى أبو عبيدة رضي الله عنه يا معاشر المسلمين قد فتح الله على أيديكم هذه المدينة أيسر فتح واهونه وقد خرج أهل حمص من ذمتكم ووفيتم لهم ما عاهدوكم عليه فارجعوا بنا عليهم رحمكم الله تعالى قال الواقدي فركب المسلمون ظهور خيولهم وهموا بالمسير وإذ قد لاح لهم غبرة مرتفعة من وراء النهر المقلوب وهي منقلبة من طريق أنطاكية وقد اخذت عرضا فأسرعت خيل المسلمين إليها فإذا معها قسيس كبير من قسوس الروم ومعه مائة برذون موسوقة بالاحمال ومن حولها مائة علج من علوج الروم يحفظونها قال الواقدي ولم يكن للقسيس خبر بنزول المسلمين على شيزر فصاح بهم خالد بن الوليد رضي الله عنه وكبر المسلمون معه واحدقوا بهم من كل جانب واخذوا العلوج اسرى وأخذوا البراذين واقبل خالد على القسيس وقال له يا ويلك من اين أقبلت
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»