القسوس والرهبان وأمرهم ان يخرجوا إلى الأمير أبي عبيدة رضي الله عنه ويأخذوا عليهم العهود والمواثيق إذا أمرناهم يرحلون عنا قال فخرجوا وقد فتح لهم باب الرستن فساروا حتى وصلوا إلى الأمير أبي عبيدة ة واخذوا عليهم ميثاقا وعهدا أن يرحلوا عنهم إذا هم ماروهم ولا يرجع عليهم حتى يفتح الله على يديه مدينة من مدائن الشام شرقا أو غربا سهلا كان أو جبلا فقال الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه قد رضيت بذلك وتم الصلح على ذلك وأخرج لهم أهل حمص مما كانوا قد ادخروه من الزاد والعلوفة شيئا عظيما له ولعسكره ما يكفيهم مدة خمسة أيام فأقبل أبو عبيدة عليهم وقال يا أهل حمص قبلنا ما حملتموه لنا من الزاد والعلوفة فإذا رأيتم الآن أن تبيعوا من الزاد والعلوفة فقالوا نحن نفعل ذلك فعندها نادى الأمير أبو عبيدة بشراء الزاد والعلوفة ولتكثروا من ذلك فان قدامكم طريقا واسعا قليل الزاد والعلوفة فقالوا أيها الأمير بماذا نشتري الزاد وعلى أي شي نحمله فقال أبو عبيدة من كان معه شيء من الذي غنمتموه من الروم فليشتر به الزاد والعلوفة قال حسان بن عدي الغطفاني خفف الله عن أبي عبيدة الحساب كما خفف عنا ما كنا نحمله من البسط والطنافس مما كان قد اثقلنا واثقل دوابنا فأخذنا به الزاد والعلوفة من القوم وكانت العرب تسمح لهم في البيع والشراء ويشتري منهم أهل حمص ما يساوي عشرين دينارا بدينارين ورغب أهل حمص في شراء الرخيص ولم يزل أهل حمص كذلك ثلاثة أيام وأهل حمص فرحون برحيل العرب عنهم قال وكان للروم في عسكر العرب جواسيس وعيون يأخذون لهم الاخبار فلما نظرت الجواسيس إلى أهل حمص وقد فتحوا مدينتهم وهم يميرون العرب ظنوا انهم دخلوا في طاعتهم فسارت الجواسيس إلى أنطاكية طالبين وجعلوا كلما اجتازوا ببلد من البلد أو حصن من الحصون يقولون إن أهل حمص قد دخلوا في طاعة العرب وفتحوا مدينتهم صلحا فكان يعظم ذلك على الروم ويزيدهم خوفا ورعبا وكان ذلك توفيقا من الله عز وجل للمسلمين وكانت الجواسيس أربعين رجلا فدخل ثلاثة رجال منهم إلى شيزر فأشاعوا ذلك وأشيع فيها ذلك ذكر فتح الرستن قال الواقدي وسار الأمير أبو عبيدة بالعسكر حتى نزل على الرستن فرآها حصنا منيعا وماؤها غزير وهي مشحونة بالرجال والعدد العديد فبعث إليهم رسولا يأمرهم أن يكونوا في ذمته فأبوا ذلك وقالوا لا نفعل حتى نرى ما يكون من أمركم مع الملك هرقل وبعد ذلك يكون ما شاء الله تعالى فقال الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه فانا متوجهون إلى قتال الملك هرقل ومعنا رجال وأمتعة وقد أثقلتنا واشتهينا ان نودعها عندكم إلى وقت رجوعنا قال فأتى أهل الرستن إلى بطريقهم وكان اسمه نقيطاس وشاوروه في ذلك فقال يا قوم ما زالت الملوك والعساكر يودع بعضهم بعضا وما يضرنا
(١٥٠)