فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ١٤٤
يسمعون كلام البطريق لأبي عبيدة رضي الله عنه فدخل الرعب في قلوبهم فعند ذلك اقبل البطريق على الروم وقال لهم ما تقولون في صلح العرب فاني أسير في أيديهم ورجالهم وبنو عمكم في قبضتهم فإن لم تصالحوا العرب والا يقاتلونا جميعا ويرجعوا إليكم من بعدنا فقالوا أيها السيد انا لا نطيق هذا المال فقالوا يا ويلكم علي وحدي ربع ما طلبوا فطابت قلوبهم بذلك وقالوا انا لا نفتح الباب الا لك وحدك ولا يدخل معك أحد من العرب حتى نصلح مدينتنا ونرفع رحالنا ونخفي حريمنا فقال البطريق ويحكم فاني قد صالحت القوم على أن لا يدخل مدينتكم أحد منهم وان الرجل الذي يخلفونه عليكم يكون هو وأصحابه خارج المدينة وتخرجون اليه سوقا يتسوقون منه قال ففرحت الروم بذلك وفتحوا له الباب فدخل إليهم وبعث الأمير أبو عبيدة إلى سعيد بن زيد ان يخلي عن الرجال الذين هم في الضيعة يحاصرون فخلى سعيد بن زيد سبيلهم وجاء بهم عند الأمير أبي عبيدة وأخذ سلاحهم وتركهم عنده رهائن على المال الذي عندهم لأنه خاف ان تركهم ان يرجعوا إلى المدينة ويغدروا بالمسلمين فتركهم عنده في عساكره هذا والبطريق في المدينة يجبي المال بعد اثني عشر يوما وهم مع ذلك يحملون إلى عسكر المسلمين الزاد والميرة والعلوفة حتى كملت الأموال والثياب والسلاح وحملها البطريق إلى أبي عبيدة رضي الله عنه وقال له تسلم الأموال على ما وافقتك عليه وخل عن الرجال وانظر إلى من تخلفه علينا من أصحابك فأحضره لنا حتى نشرط عيله بحضرتك أن لا يجوز علينا ولا يطالبنا بما لا نطيق ولا يدخل مدينتا قال فدعا أو عبيدة برجل من سادات قريش اسمه رافع ابن عبد الله السهمي وقال له يا رافع بن عبد الله استعملتك على هذه المدينة وضم إليك خمسمائة فارس من بني عمك وعشيرتك وأربعمائة فارس من أخلاط المسلمين واني آمرك بما أمرك الله به فاتق الله حق تقاته ولا تكن الا من الولاة العادلين وأياك والظلم والجور فتحشر مع الظالمين واعلم أن الله تعالى سائلك عنهم ومطالبك بما تصنع بغير الحق واعلم اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله تبارك وتعالى أوحي إلى موسى بن عمران عليه السلام أن يا موسى لا تظلم عبادي أخرب بيتك من نفسك فأقم الارصاد في أطراف البلاد فإنك بين أعدائك وبعد هذا ما عرفتك الا استيقاظا وأحذرك من السواحل وشن الغارة عليهم ولتكن غارتك في المائة والمائتين ولا تمكن أحدا من المدينة يختلط بأصحابك في غارة حتى يطمع عدوكم فيه وأحسن معاملة من ساعدك وأصلح بينهم وأمرهم بالعدل وكن بينهم كأحدهم وأمر أصحابك ومن معك أن يكفوا أيديهم عن الفساد والظلم للرعية والله تعالى خليفتي عليك والسلام عليك ذكر حديث نزول المسلمين على حمص قال الواقدي ثم هم أبو عبيدة رضي الله عنه بالرحيل إلى حمص وإذ قد ورد عليه
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»