إلي من سفك دم رجل واحد لكن الله تعالى اعطى الشهداء في الآخرة أكثر من ذلك فقال البطريق أنا أصالحكم على الف أوقية من الفضة البيضاء وألف ثوب من الديباج قال الواقدي فتبسم الأمير أبو عبيدة من كلامه واقبل على المسلمين وقال لهم أما تسمعون ما يقول هذا البطريق قالوا نعم قال فما رأيكم فيما شرط على نفسه فقالوا يزيد عليه وشرطه يرضينا فأقبل الأمير على البطريق وقال له أنا أصالحكم على ألفي أوقية من الذهب الأحمر وألفي أوقية من الفضة البيضاء وألفي ثوب من الديباج وخمسة آلاف سيف من مدينتكم وسلاح أصحابك الذين هم في الضيعة محاصرون ولنا عليكم خراج أرضكم في العام الآتي وأداء الجزية في كل عام وأنتم بعد ذلك لا تحملون علينا سلاحا ولا تكاتبون ملكا ولا تحدثون حدثا ولا كنيسة وترون النصح للمسلمين فلما سمع البطريق ذلك من شرط الأمير أبي عبيدة رضي الله عنه قال لك ذلك كله علينا الا اني أريد أن أشرط عليك وعلى أصحابك شرطا فقال له الأمير أبو عبيدة وما شرطك فقال لا يدخل الينا من أصحابك أحد وتنزل صاحبك الذي تستخلفه علينا خارج المدينة بأصحابه ويكون له الخراج والجزية وتدعني أنا من داخل المدينة من قبل الاصلاح بين الناس والنظر في أحوالهم ونحن نخرج إلى من تخلفه علينا من أصحابك سوقا يكون فيه من جميع ما في مدينتنا ولا يدخلون الينا مخافة أن يغلظوا بكلامهم على كبرائنا ويفسد الامر بيننا وبينكم ويكون سببا للغدر ونقض العهد قال أبو عبيدة فإذا صالحناكم نجاهد عدوكم لأنكم تصيرون في ذمتنا ويكون الرجل الذي نخلفه عليكم مثل الواسطة والسفير بيننا وبينكم قال البطريق هربيس يكون خارج المدينة ويفعل ما يشاء ان يفعله من المحاماة فقال أبو عبيدة لكم ذلك وما لنا في الدخول إلى مدينتكم من حاجة فقال البطريق تم الصلح على ذلك ثم سار البطريق إلى المدينة وأبو عبيدة معه فلما وصل إلى الباب حسر البطريق عن رأسه ورطن عليهم بلغه الروم فعرفوه عند ذلك فقالوا له وأين أصحابك ورجالك فقص عليهم قصته وأخبرهم بخبره وخبر أصحابه وأعلمهم بالصلح فبكى القوم وقالوا تلفت النفوس وذهبت الأموال فقال لهم البطريق يا قوم وحق المسيح ما صالحتم ولي وجه غير الصلح فقالوا له اذهب أنت وصالح عن نفسك وأما نحن فلن نصالح العرب أبدا ولن ندع أحدا منهم يملكنا ولا يدخل بلادنا ومدينتنا وهي أحصن مدينة في الشام وكان الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه قد أعلم المسلمين بمصالحة البطريق وأمرهم ان يكفوا عن القتال والحرب فلما سمع الترجمان كلام أهل بعلبك لبطريقهم أخبر الأمير أبا عبيدة رضي الله عنه بذلك فأقبل البطريق فقال له أبو عبيدة هات ما عندك والا نرد الحرب كما كان فقال البطريق دعني والقوم فوحق الإنجيل الصحيح وعيسى المسيح لو لم يقبلوا مني لادخلنك بالكثرة إليهم فتضع السيف فيهم وتقتل رجالهم وتسبي نساءهم وتنهب أموالهم لأني خبير بعورات بلدهم وبطرقاتها قال أبو عبيدة رضي الله عنه ما شاء الله كان قال وكان الروم على سورهم
(١٤٣)