فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ١٣١
رسول الله صلى الله عليه وسلم أشيروا علي برأيكم رحمكم الله فان الله تعالى يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم * (وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله) * الآية فهل أسير إلى حلب وقلاعها وأنطاكية وملوكها وعساكرها أو نرجع إلى ورائنا فقالوا أيها الأمير كيف نرجع إلى حلب وأنطاكية وهذه أيام انقضاء الصلح الذي بيننا وبين أهل شيزر وأرمين وحمص وجوسية ولا شك انهم قد اخذوا الحصار وقووا بلادهم بالأطعمة والرجال ونخاف ان يتغلبوا علينا فيما اخذناه من البلاد ويغيروا علينا لا سيما بعلبك وحصنها فإنهم أولو شدة وعديد ونرى من الرأي أنا نرجع إليهم ونقاتلهم فلعل الله عز وجل ان يفتح على أيدينا قال فاستصوب ورجع على طريقه فوجدوا البلاد كما قالوا قد تحصنت بالعدد والرجال والطعام ولم يكن لأبي عبيدة قصد الا حمص فوجدها قد تحصنت بالعدد والعديد وقد بعث إليها الملك هرقل بطريقا من أهل بيته وكان من أهل الشدة والبأس ومعه جيش عرمرم وكان اسم البطريق هربيس فلما نظر أبو عبيدة إلى ذلك ترك على حمص خالد بن الوليد رضي الله عنه وسار هو إلى بعلبك فلما قرب منها وإذا بقافلة عظيمة فيها جمع من الناس ومعهم البغال والدواب وعليها من أنواع التجارات وقد أقبلت من الساحل يريدون بعلبك فلما نظر أبو عبيدة رضي الله عنه إلى سوادها قال لمن حوله من الفرسان ما هذا الا جمع كثير أمامنا فقالوا لا علم لنا بذلك فقال علي بخبرهم فسارت الخيل إليهم واخذت اخبارهم ورجع بعضهم بخبرها والقافلة من قوافل الروم محملة متاعا قال شداد بن عدي وكانت احمال القافلة أغلبها سكر وكانت لأهل بعلبك فلما سمع أبو عبيدة ذلك قال إن بعلبك لنا حرب وليس بيننا وبينهم عهد فخذوا ما قد ساقه الله إليكم فإنها غنيمة من عند الله قال الواقدي فاحتوينا على القافلة وكان فيها أربعمائة حمل من السكر والفستق والتين وغير ذلك وأخذنا أهلها أسارى فقال أبو عبيدة رضي الله عنه كفوا عن القتل واطلبوا منهم الفداء فابتعناهم أنفسهم بالذهب والفضة والثياب والدواب وصنعنا من السكر العصيدة والفالوذج بالسمن والزيت ودعس المسلمون دعبنا وبتنا حيث حوتنا القافلة فلما أصبح الصباح أمرنا أبو عبيدة رضي الله عنه بالمسير إلى بعلبك والنزول عليها وكان قد هرب قوم من القافلة وأخبروا أهل بعلبك بالقافلة قال الواقدي وكان على بعلبك بطريق عظيم يقال له هربيس وكان شديد البأس شجاع القلب فلما اتاه الخبر بقدوم عساكر المسلمين جمع رجاله وأهل الحرب وأمرهم بلبس السلاح والعدد وخرج بعسكره وجعل يسير وهو يعلم أن الأمير أبا عبيدة رضي الله عنه سائر إليهم بجيوش المسلمين فلما انتصف النهار وتراءى الجمعان وكان هربيس معه سبعة آلاف فارس سوى من اتبعه من سواد بلده ونظر طوالع جيش أبي عبيدة رضي الله عنه ونظر المسلمون إلى ذلك نادوا النفير فعندها تبادرت الفرسان
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»