فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ١٢٨
وتأكل القربان وتأخذ الجائزة العظيمة من الملك هرقل وأزوجك ابنتي وأقاسمك نعمتي واتفضل عليك باكرامي وانعامي وانا الذي مدحني شاعر نبيكم حيث يقول * ان ابن جفنة من بقية معشر * لم تغذهم آباؤهم باللوم باللوم * يعطي الجزيل ولا يراه بأنه * الا كبعض عطية المذموم * لم ينسني بالشام إذ هو بارح * يوما ولا متنصرا بالروم * ان جئته يوما تقر بمنزل * تسقي براحته من الخرطوم * فأسرع إلى ما عرضته عليك لتنجو من المهالك وتكون في النعم والعيش السليم فقال عبد الرحمن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يا ويلك يا ابن اللئام أتدعوني من الهدى إلى الضلال ومن الايمان إلى الكفر والجهالة وأنا ممن وقر الايمان في قلبه وعرف رشده من غيه وصدق نبي الله وابغض من كفر بالله فدونك والقتال ودع عنك الخديعة والمحال وتقدم إلى ما عزمت عليه حتى أضربك ضربة أعجل بها حمامك وارغم بها انفك وتستريح العرب من أن تنسب إليك لأنك كافر بالرحمن وعابد للصلبان قال فغضب ج 4 بلة من كلام عبد الرحمن جعل عليه وهم به ورفع رمحه يريد ان يطعنه فزاع عبدلارحمن من الطعنة وحمل على جبلة حملة عظيمة وتطاعنا بالرماح حتى كل عبد الرحمن من حمل قناته فرماها من يده وانتضى سيفه وتعاركا في الحرب فهجم عبد الرحمن على جبلة وضرب رمحه فبراه فرمى جبلة باقي الرمح من يده وانتضى سيفه من غمده وكان من سيوف كندة من بقايا كأنه صاعقة بارقة ما ضرب به شيءا الا براه وحمل على عبد الرحمن رضي الله عنه حملة عظيمة قال رافع بن عميرة الطائي فعجبنا والله من عبد الرحمن وصبره على قتال جبلة ومنازلته على صغر سنه وقلة أعوانه ثم التقيا بضربتين واصلتين فسبقه عبد الرحمن بالضربة فأخذها جبلة من حجفته فقطع الدرق ونزل السيف إلى البيضة فاثنى سيف عبد الرحمن عنها لأنها ذات سقاية عظيمة فجرحه جرحا واضحا اسال دمه وضربه جبلة ضربة واصلة فقطع ما كان عليه من الزرد والدروع والثياب ووصلت الضربة إلى منكبه فجرحته فلما أحسن عبد الرحمن رضي الله عنه بالضربة قد وصلت اليه ثبت نفسه وارى قرينه كأن الضربة لم تصل وحرك جواده وأطلق عنان فرسه حتى لحق بخالد بن الوليد رضي الله عنه وأصحابه فلما وصل إليهم قال له خالد قد وصل إليك عدو الله بضربته فقال نعم وأظهر له ضربته وما لحقه فأخذوه عن فرسه وسدوا جراحه فقال يا ابن الصديق ان كان جبلة قد وصل إليك بضربته فوحق بيعة أبيك لافجعنهم في أسيرهم كما فجعوني بك ثم صاح خالد بعبده همام وقال قدم هذا العلج فقدمه بين يديه فضربه بسيفه فأطاح رأسه عن جسده فلما نظرت الروم إلى صاحبهم وقد قتله خالد فجعهم ذلك وغضب جبلة وقال أبيتم الا الغدر وقتلتم صاحبنا ثم صاح في الروم والعرب المتنصرة وهموا بالحملة ونظر خالد إليهم وقد حملوا على المسلمين فقال لعبده همام قف أنت عند عبد الرحمن فامنع عنه من اراده بسوء ثم قال
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»