معه على دير أبي القدس فانستني وقعتها ما شهدت قبلها من الوقائع بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك اني نظرت إلى الروم حين حملنا عليهم في كثرتهم وعددهم وقلنا ما ثم غيرهم وليس لهم كمين عظيم قال فرأينا أجسادهم هائلة وعليهم الدروع وما يبين منهم الا حماليق الحدق لهم طقطقة وزمجرة عندما يحملون حتى نظرت إلى المسلمين قد غابوا في أوساطهم ولا اسمع منهم الا الأصوات تارة يجهرون بها وتارة أقول هلكوا ثم انظر إلى الراية بيد عبد الله بن جعفر رضي الله عنه مرفوعة بذلك وعبد الله يقاتل بالراية ويكر على المشركين ولا يثني ويجاهد على صغر سنة ولم تزل الحرب بيننا كلما طال مكثها اشتد ضرامها وعلا قتامها والتهب نارها وصار عبد الله في وسط القوم وهم حوله كالحلقة الدائرة والروم يحدقون به فجعل كلما حمل يمينا حملت يمينا وان حمل شمالا حملت شمالا ولم نزل في الحرب والقتال حتى كلت منا السواعد وخدرت منا المناكب قال وعظم الامر علينا وهالنا الصبر وتثلم سيف عبد الله في يده وكادت تقع فرسه من تحته فالتجأ بأصحابه في موضع فاجتمع أصحابه اليه فنظر المسملون إلى رايته فقصدوها وما منهم الا مكلوم من المشركين فضاق لذلك ذرعه وما نزل في نفسه مثل ما نزل بالمسلمين فألجأ إلى الله تعالى أمره وفوض إلى صاحب السماء شأنه ورفع يده إلى السماء وقال في دعائه يا من خلق خلقه وابلى بعضهم ببعض وجعل ذلك محنة لهم أسألك بجاه محمد النبي صلى الله عليه وسلم الا ما جعلت لنا من أمرنا فرجا ومخرجا ثم عاد إلى القتال وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتلون معه تحت رايته فلله در أبي ذر الفغاري رضي الله عنه فإنه نصر ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاهد بين يديه قال عمرو بن ساعدة فلقد رايته مع كبر سنه يضرب بسيفه ضربا شديدا في الروم وينتمي إلى قومه ويذكر عند حملاته اسمه ويقول أنا أبو ذر والمسلمون يفعلون كفعلة إلى أن بلغت القلوب الحناجر وظنوا ان في ذلك الموضع قبورهم قال الواقدي رحمه الله تعالى حدثني عبد الله بن أنيس الجهني قال كنت أحب جعفرا واجب من أولاده عبد الله فلما قبض أبو بكر رضي الله عنه وكان قائما مقام أبيه نظرت إلى أمه أسماء بنت عميس حزينة فكرهت ان انظر إليها في ذلك الحزن وأيضا ان أبا بكر رضي الله عنه في المسير إلى الشام فاستأذن عبد الله بن جعفر عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المسير إلى الشام وقال لي يا ابن أنيس الجهني أشتهي ان ألحق بالشام ومعنا عشرون فارسا أكون مجاهدا أفتصحبني فقلت نعم فودع عمه عليا رضي الله عنه وودع عمر رضي الله عنه
(١٠٣)