كم يكون القوم وكم خررتهم فقال اما السوق ففيه أكثر من عشرين ألفا من عوام الروم والأرمن والنصارى والقبط واليهود من مصر والشام وأهل السواد والبطارقة والمنتصرة وأما المستعدون للحرب فخمسة آلاف فارس فما لكم بالقوة طاقة وان وقع طائح في بلادهم انضاف إليهم أمثالهم فان بلادهم متصلة بهم وأما أنتم فعددكم يسير والعرب منكم بعيد قال الواقدي فصعب ذلك على عبد الله بن جعفر وعلى المسلمين وسقط في أيديهم وهموا بالرجوع فقال عبد الله بن جعفر معاشر المسلمين ما الذي تقولون في هذا الامر فقالوا نرى أن لا نلقي بأيدينا إلى التهلكة كما امر ربنا في كتابه العزيز ونرجع إلى الأمير أبي عبيدة رضي الله عنه والله لا يضيع أجرنا قال فلما سمع عبد الله قولهم قال أما أنا فأخاف ان فعلت ذلك ان يكتبني الله من الفارين وما ارجع أو أبدى عذرا عند الله تعالى فمن ساعدني فقد وقع اجره على الله ومن رجع فلاعتب عليه فلما سمعوا ذلك من عبد الله بن جعفر أميرهم وبذل مهجته استحيوا منه وأجابوه بأجمعهم وقالوا افعل ما تريد فما ينفع حذر من قدر ففرح بإجابتهم ثم عمد إلى درعه فأفرغه عليه ووضع على رأسه بيضة وشد وسطه بمنطقة وتقلد بسيف أبيه واستوى على متن جواده وأخذ الراية بيده وامر الناس بأخذ الأهبة فلبسوا دروعهم واشتملوا بسلاحهم وركبوا خيولهم وقالوا للدليل سر بنا نحو القوم فستعاين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عجبا قال وائلة بن الأسقع رأيت الدليل قد اصفر وجهه وتغير لونه وقالوا سيروا أنتم برأيكم وما علي من امركم وخرج قال أبو ذر الغفاري فرأيت عبد الله بن جعفر يتلطف به حتى سار بين يديه يدله على القوم ساعة ثم وقف وقال أمسكوا عليكم فإنكم قد قربتم من القوم فكونوا في مواضعكم كامنين إلى وقت السحر ثم أغيروا على القوم قال وائلة بن الأسقع فبتنا ليلتنا حيث أمرنا ونحن نطلب النصر من الله تعالى على الأعداء فلما أصبح النهار صلي بهم عبد الله بن جعفر صلاة الصبح فلما فرغوا من صلاتهم قال ما ترون في الغارة فقال عامر بن عميرة بن ربيعة أدلكم على أمر تصنعونه قالوا قل قال اتركوا القوم في بيعهم وشرائهم واظهار أمتعتهم ثم اكبسوا عليهم على حين غفلة وغرة من امرهم فصوب الناس رأيه وصبروا إلى وقت قيام السوق ثم اظهروا السيوف من أغمادها وأوتروا القسي وشرعوا لاماتهم وعبد الله بن جعفر امامهم الراية بيده فلما طلعت الشمس عمد عبد الله إلى المسلمين
(١٠١)