سلامة صدره وسرعة بادرته ورجوعه وكثرة تواضعه وبذل همته مع من يقصده وامتهانه لنفسه وغير ذلك وتصدى للاسماع فأخذ عنه الناس من سائر الآفاق الكثير وكنت لقيته فحملت عنه بالمجاورة الأولى الكثير وطالع في مجاورتي الثانية كثيرا من تصانيفي حتى في مرض موته، ومات وانا هناك في صبيحة يوم السبت سابع ربيع الأول سنة إحدى وسبعين وثمانمائة وصلي عليه بعد صلاة العصر عند باب الكعبة ثم دفن بالمعلاة عند مصلب ابن الزبير رضي الله عنهما وكنت ممن شهد الصلاة عليه ودفنه والتردد إلى قبره. وقال المقريزي في عقوده عن صاحب الترجمة: انه قرأ علي (الامتاع) - من أكبر ما ألف في السير للمقريزي - وحصل منه نسخة بخط ولده الفاضل عمر وهما محدثا الحجاز وأرجو ان يبلغ ابنه عمر في هذا العلم مبلغا عظيما لذكائه واعتنائه بالجمع والسماع والقراءة بارك الله له فيما آتاه انتهى ما نقله السخاوي عنه، وهو ممن ترجمه الشمس بن طولون بين مشايخ مشايخه الأربعين في كتابه أربعين الأربعين رحمه الله تعالى رحمة واسعة.
(مقدمة الناشر ٥)