عاينت الشيخ وقد كتب في يوم واحد ثلاثة كراريس تأليفا وتحريرا وكان مع ذلك يملي الحديث ويجيب عن المتعارض منه بأجوبة حسنة اه. ومن يكون بهذا الاسراع طول عمره لا يتسنى له تحقيق ما يدونه بل كثيرا ما تفوته مواضع الفائدة من الأصول التي يلخصها، وقد يتابع أوهما الأصل التي لا يخلو منها تصنيف فتسوء سمعته بتآليفه، قال السخاوي: ان له مؤلفات كثيرة مع كثرة ما يقع له من التحريف والتصحيف فيها وما ينشأ عن عدم فهم المراد لكونه لم يزاحم الفضلاء في دروسهم ولا جلس بينهم في مسائهم وتعريسهم بل استبد بالأخذ من بطون الدفاتر والكتب، وأخذ من كتب المحمودية (1) وغيرها كثيرا من التصانيف القديمة التي لا عهد لكثير من العصريين بها في فنون فغير فيها شيئا يسيرا وقدم وأخر ونسبها لنفسه وهول في مقدماتها اه. ولي مشيخة الحديث بالشيخونية بسعي وصيه المار ذكره ومشيخة التصوف بتربة برقوق نائب الشام واستقر في مشيخة البيبرسية بعد الجلال البكري إلى أن صرفه عنها السلطان الملك العادل طومانباي الأول يوم الاثنين ثاني عشر رجب سنة ست وتسعمائة حين تحزب عليه جمع من مشايخ المدرسة بسبب يبسه معهم ومعاندته لهم بحيث أخرج وظائف كثيرة عنهم وقرر فيها غيرهم وحصل له اهانات من ترسيم وإساءات وامر بنفي وكانت حكايات كما يقول صاحب (البدر الطالع) فيما علقه على الضوء اللامع بخطه ثم انقطع بسكنه في الروضة وتزهد وكان يأتي إليه أعيان الامراء للزيارة فلا يقوم لهم وعرضت عليه مشيخة البيبرسية سنة 909 فامتنع من قبولها واستمر على انقطاعه، وكان الامراء والأغنياء يأتون إلى زيارته ويعرضون عليه الأموال النفيسة فيردها، وأهدى إليه السلطان الملك الأشرف قانصوه الغوري خصيا وألف دينار فرد الألف وأخذ الخصي فأعتقه وجعله خادما في الحجرة النبوية
(مقدمة الناشر ٧)