تلك الجراحات. فنظر إليه فقال: لم ينقب؟ وجعل يأتيه ويعالجه. وكان قد أصاب وجهه غير ضربة. ومكث منكبا على وجهه كم شاء الله. ثم قال له:
إن هاهنا شيئا أريد أن أقطعه، فجاء بحديدة، فجعل يعلق اللحم بها، فيقطعه بسكين معه، وهو صابر لذلك، يجهر بحمد الله في ذلك، فبرأ منه.
ولم يزل يتوجع من مواضع منه، وكان أثر الضرب بينا في ظهره إلى أن توفي.
ودخلت يوما، فقلت له: بلغني أن رجلا جاء إليك، فقال: اجعلني في حل إذ لم أقم بنصرتك. فقلت: لا أجعل أحدا في حل، فتبسم أبي وسكت (1). وسمعت أبي يقول: لقد جعلت الميت في حل من ضربه إياي. ثم قال: مررت بهذه الآية: (فمن عفا وأصلح فأجره على الله) (الشورى: 40)، فنظرت في تفسيرها، فإذا هو ما أخبرنا هاشم بن القاسم. أخبرنا المبارك بن فضالة، قال: أخبرني من سمع الحسن، يقول: إذا كان يوم القيامة، جثت الأمم كلها بين يدي الله رب العالمين، ثم نودي أن لا يقوم إلا من أجره على الله، فلا يقوم إلا من عفا في الدنيا. قال:
فجعلت الميت في حل. ثم قال: وما على رجل أن لا يعذب الله بسببه أحدا.
وبه قال ابن أبي حاتم: حدثني أحمد بن سنان، قال: بلغني أن أحمد ابن حنبل، جعل المعتصم في حل يوم فتح (عاصمة) بابك (2) وظفر به، أو في